لم يعد شبح انقطاع الماء الصالح للشراب في تونس يهدد المناطق الريفية- المهمشّة فقط، فالأزمة احتدت خلال الفترة الأخيرة لتشمل المناطق الحضارية ببعض الولايات وفي العاصمة، وظهرت بشكل ملفت في فترات الحر الشديدة التي شهدتها البلاد خلال هذه الصائفة حيث ارتفعت درجات الحرارة بشكل غير مسبوق، لتصل محليا إلى 46درجة. وإحتجاجاً على الانقطاعات المتكررة للماء الصالح للشراب أغلق عدد من متساكني منطقة الزقاق التابعة لمعتمدية الهوارية الطريق الجهوية عدد 26 الرابطة بين الهوارية وسليمان. كما نفّذ عدد من أهالي مدينة قبلي السبت الماضي وقفة احتجاجية امام مقر اقليم الشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه عمدوا على إثرها لقطع الطريق التي تمثل مدخل المدينة من جهة المستشفى الجهوي احتجاجا على الانقطاع المتكرر للمياه الصالحة للشرب. كما أعلنت الشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه عن تسجيل إضطراب وانقطاع في توزيع الماء الصالح للشرب في مدينة هرقلة من ولاية سوسة، على خلفية عطب طرأ خلال الليلة الفاصلة بين الأربعاء والخميس 4 جويلية 2019 على قناة رئيسية لجلب المياه (قطر 400 مم) على مستوى المدينة المذكورة. وكشف حسين الرحيلي خبير في التنمية والتصرف في الموارد انه تم تسجيل 187 انقطاعا للماء على مستوى وطني الى حدود شهر جوان الفارط وهو عدد ضخم ودليل واضح على ان الانقطاعات اصبحت “عادة”، حسب تعبيره. و أكد الرحيلي في تصريح لجريدة “الصباح” انه رغم وفرة الامطار وانعكاسها ايجابيا على السدود حيث ارتفعت ايراداتها من 932 مليون متر مكعب في 31 ماي 2018 الى 2452 مليون متر مكعب في موفى ماي 2019 الا ان مسلسل الانقطاعات للمياه انطلق مبكرا أي من قبل شهر رمضان الفارط ليتجاوز المناطق التقليدية التي تشهد مشاكل وندرة في مياه الشرب مثل ولايات قفصة والقيروان والقصرين وتطاوين لتمتد الى ولايات الشمال التي سجلت ايرادات من المياه قدرت ب 2150 مترا مكعبا لتشمل الانقطاعات عدّة مناطق من العاصمة. من جهة أخرى ، يرى مراقبون أن أزمة المياه ستشتد بشكل أكبر، وستكون محسوسة أكثر خلال السنوات القادمة بسبب اهتراء قنوات توزيع المياه وبحسب المعطيات، التي تقدمها شركة استغلال وتوزيع المياه، فان 42 بالمائة من قنواتها قديمة، ويفوق عمرها ال25 سنة، ومن الضروري استبدالها.