كثيرًا ما يُلاحظ المتابعون للشأن السياسي في تونس تناقضات مكشوفة في مواقف قيس سعيد، بيد أن هذه المواقف كان فيصلها كرسيّ الرئاسة الذي غيرّ من آراء الرجل وفصل بين موقفه كأستاذ قانون دستوري ومواقفه كرئيس للجمهورية، وهو ما يثير جدلا كبيرا بين الفينة والاخرى. آخر هذه التناقضات ما تعلق بموقفه امس بشأن التحوير الحكومي، حيث اكد الرئيس خلال كلمة القاها بمناسبة اشرافه على اجتماع لمجلس القومي على ان التعديل الوزاري الأخير الذي أجري في ال16 من جامفي الجاري لم يحترم نصوص الدستور ، وخصوصا التداول بشأن تفاصيل التعديل، مضيفا "لم يقع التداول في موضوع التحوير، رغم أنه إجراء جوهري". وقال إن كل الذي وصله لم يكن سوى مراسلة من رئيس الوزراء هشام المشيشي، وكذلك الأمر بالنسبة إلى رئيس البرلمان، راشد الغنوشي. وأضاف "أنه كان من المفروض أن توجه رسالة إلى رئيس الجمهورية، بعد النظر في الدستور الذي أقسمت على احترامه، وإحالته إلى مجلس نواب الشعب، فلا تم التداول ولا تم إشعار رئيس الجمهورية بنية في هذا التحوير". وقال بكلمات بدت شديدة التحدي: "سنمسك بزمام الأمور في إطار القانون ". ويختلف موقف سعيد الرّئيس عن موقف الاستاذ الذي ادلى بدوله سنة 2018 في ما يخص التحوير الوزاري الذي اعلن عنه رئيس الحكومة الاسبق يوسف الشاهد ولم يستشر فيه رئيس الجمهورية الراحل الباجي قايد السبسي. وعبر قيس سعيد عن موقفه من الازمة انذاك، مشددا في تصريحات لوسائل اعلامية على ان "رئيس الحكومة يوسف الشاهد ليس مجبرا على أن يتشاور مع رئيس الجمهورية الباجي قايد السبسي في تعيين أعضاء حكومته "، مشيرا الى ان التشاور يقتصر على وزيري الدفاع والخارجية فقط كما ينص على ذلك الفصل 89 من الدستور". واعتبر سعيد إن "الخلاف بين قرطاج والقصبة هو خلاف سياسي، وأنه ليس هناك أي مانع دستوري على الاطلاق في أن يعلن رئيس الحكومة عن ادخال تحوير بدون أن يستشير رئيس الجمهورية". وليست هذه المرة الاولى التي يتخذ فيها قيس سعيد موقفين متاقضين من مسألة واحدة، حيث سجل عليه مراقبون تناقضا في مواقفه حول القائمات الحزبية، حيث كان قيس سعيد يعتبر سنة سنة 2004 ان التصويت على القائمات الحزبية افضل من التصويت على الافراد، عندما سُئل عن ذلك في حوار اجراه مع جريدة اصباح في نسختها الورقية. واعتبر قيس سعيد في حوار صحفي موثّق ان "من مزايا التصويت على القائمات أنّ الناخب يجد نفسه مخيّرا بين برامج انتخابية لعدد من الأحزاب السياسية أو القائمات المستقلة، بخلاف نظام الاقتراع على الأفراد حيث تدخل اعتبارات أخرى عند التصويت منها الولاءات العائلية والقبلية والجهوية وإشعاع المترشحين كأفراد والمصالح الاقتصادية التي قد تربط المترشح بالناخب". اما اليوم، فان قيس سعيد اتخذ موقفا مغايرا تماما لما ادلى به في حوار لجريدة الصباح قبل الثورة، ذلك انه شدد في اكثر من مناسبة على عدم ايمانه بالقائمات الحزبية ، منتقدا منظومة الاحزاب المشكلة للمسهد السياسي التونسي.