مع إعلان رئيس الجمهورية قيس سعيّد الإثنين رفضه القاطع للتحوير الوزاري الذي اعلن عنه رئيس الحكمة هشام المشيشي، طُرحت على الساحة السياسية اسئلة عديدة من بينها هل بامكان الرئيس تعطيل التعديل الحكومي؟ وفي اجابته عن هذا السؤال، افاد أستاذ القانون الدستوري عياض ابن عاشور ان رئيس الجمهورية قيس سعيد في وضعية سلطة مقيدة في علاقة بدعوة الوزراء الذين تحصلوا على الثقة من مجلس نواب الشعب لاداء اليمين الدستورية. وقال بن عاشور في حوار مع "الشارع المغاربي"، اليوم الاربعاء، ان الدعوة هي ضمن الواجب الدستوري وانه تترتب عن الاخلال بهذا الواجب اثار وتبعات وانه يمكن وقتها اعتماد نظرية الاجراءات المستحيلة. وشرح بن عاشور الموقف قائلا " في قراءة دستورية للجدل القائم حول امكانية رفض رئيس الجمهورية قبول وزراء لاداء اليمين الدستورية ،ان الوزراء المقترحين تحصلوا على ثقة البرلمان فردا فردا وان دعوتهم لاداء اليمين الدستورية واجب لا يمكن للرئيس تجاوزه مشددا على انه ليس للرئيس سلطةاختيارية وعلى ان اداء اليمين استكمال للاجراءات. واكد بأن تمرير التحوير الوزاري للمصادقة من قبل مجلس نواب الشعب غير مضمن في الدستور وانه اصبح عرفا جاري به العمل منذ حكومة الحبيب الصيد التي استندت في ذلك الى النظام الداخلي لمجلس النواب مبرزا انه بقبول استمرار اعتماد هذا العرف والحصول على ثقة البرلمان يصبح الرئيس في "حالة سلطة مقيدية "لا اكثر ولا اقل". واوضح ان رفض سعيد دعوة الوزراء لاداء اليمين الدستورية هو من باب الاخلال بالواجب الدستوري وانه قد ارتكب بذلك خطأ جسيما وانه في صورة الوصول الى هذه المرحلة يمكن اعتماد نظرية الاجراءات المستحيلة. ووفق لذلك قال عباض بن عاشور انه يمكن اعتماد نظرية الاجراءات المستحيلة حتى لا يتم تعطيل سير الدولة وانه في هذه الحالة تصدر الحكومة اعلانا تؤكد فيهرفض رئيس الجمهورية دعوة الوزراء لاداء اليمين الدستورية وتنتظر مهلة زمنية معقولة ثم يتم تطبيق هذه النظرية وينطلق الوزراء في اداءمهامهم دون اداء اليمين الدستورية. وشدد على ان تبعات الاخلال مضمنة في الدستور وعلى انها تتمثل في سحب الثقة مذكرا بان ذلك يتطلب وجود محكمة دستورية التي قال ان ارساءها تطلبسنوات طويلة وان البرلمان يتحمل مسؤولية في ذلك وجدد التأكيد على ان اداء اليمين الدستورية ليس اجراء جوهريا وعلى ان الرئيس في وضع سلطة مقيدة لافتا الى ان التحوير تحصل على ثقة البرلمان وليس على ثقة الرئيس. وفي ذات السياق، شدّد لأستاذ المختص في القانون الدستوري كمال بن مسعود على أنّ مسألة أداء اليمين أمام رئيس الجمهورية من قبل رئيس الحكومة أو من قبل أعضاء الحكومة الجدد عقب تحوير وزاري، هي من حالات الاختصاص المقيد لرئيس الجمهورية ،أي انّ رئيس الجمهورية ليس بوسعه أن يرفض اجراء اداء اليمين من قبل أعضاء الحكومة الذين حظوا بالثقة من قبل البرلمان ، كما لا يمكن للوزراء مباشرة مهامهم الا بعد أداء اليمين وهو شرط اجرائي يقتضيه الدستور . واشار المختص في القانون الدستوي كمال بن مسعود في تصريح اذاعي الى أنّه في صورة رفض رئيس الجمهورية لأداء الوزراء الجدد لليمين فهو يعتبر خرق للدستور. يذكر ان البرلمان منح امس الثلاثاء الثقة للتعديلات الوزارية التي تقدم بها رئيس الحكومة هشام المشيشي. وقبل 10 أيام أجرى المشيشي تعديلا وزاريا واسعا شمل 11 حقيبة وزارية، بينهم الداخلية والعدل والصحة وغيرهم، وهو التعديل الذي رفضه الرئيس قيس سعيد مساء الاثنين، مبررا رفضه بأنه قد يكون عند بعض أعضاء الوزارة الجديد "تضارب في المصالح"، وأنه ليس هناك نساء بين الوزراء المحتملين، لكن المشيشي مضى في تعديله وقدمه اليوم لمجلس النواب لينال ثقة البرلمان.