كثيرة هي المناسبات التي لا يحتفل بها رئيس الجمهورية قيس سعيد، من ذلك عيد الثورة وعيد الجمهورية وآخرها عيد الاستقلال، الأمر الذي أثار جدلا واسعا وانتقادات كثيرة. وقال المحلل السياسي عبد اللطيف دربالة في تدوينة على صفحته الرسمية على فايسبوك أمس السبت إن رئيس الجمهورية التونسية الذي قال لشعبه وللفرنسيين إنّ الاستعمار الفرنسي كان "حماية" لم يحتفل هذه السنة أيضا وللعام الثاني على التوالي بعيد الاستقلال. وأضاف دربالة أن ذلك يأتي رغم أنّ رئيس دولة "الحماية" نفسها، إيمانويل ماكرون، اتصل به هاتفيا قبل يومين من العيد بتعلّة تهنئته بعيد الاستقلال مسبقا كما جاء بنصّ بيان الرئاسة. وبين أن الرئيس سعيّد قام بالعفو عن 1521 سجين مناسبة عيد الاستقلال الذي لا يحتفل به، بما يعني على الأقل أنّه يعرف "العيد" وعلى علم به وبموعده. وفي السياق نفسه، عبر القيادي في آفاق تونس فوزي عبد الرحمان ووزير الشغل سابقا، عن رأيه في رئيس الدولة الذي أصبح جليا أنه لا يعترف بعيد الاستقلال الوطني. وكتب عبد الرحمان في تدوينة على صفحته بالفايسبوك: "هل له الحق في ذلك؟ بالتأكيد لا.. هو رئيس دولة منتخب. هل له الحق في إعادة كتابة التاريخ حسب أهوائه و فكره؟ طبعا لا". وخاطب عصام الشابي، الأمين العام للحزب الجمهوري، قيس سعيد قائلا: "رئيس الجمهورية لا يتوجه إلى شعبه بكلمة في ذكرى استقلال بلاده عن المستعمر الفرنسي(أو عن نظام الحماية الفرنسية، اقرأها كما تشاء)، وقبلها تجاهل ذكرى انتصار ثورة الحرية والكرامة في 14 جانفي الذي مرّ دون أن تعيره رئاسة الجمهورية اهتماما .أعتقد أنه حان الوقت كي تعدّل، يا سيادة الرئيس، ساعتك على وقع حياة شعبك ونبض وطنك وعلى استحقاقات المرحلة قبل فوات الأوان". ودوّن المؤرخ عدنان منصر، مدير الديوان الرئاسي في عهد الرئيس المرزوقي: "لا أستطيع أن أهضم أن رئيسنا المفدى لم يخرج من سباته بمناسبة ذكرى الاستقلال، مثلما كان الأمر في نفس الذكرى منذ عام. لا أستطيع أن أهضم أن هذه المناسبة قد مرت وكأننا خجلون منها. لا أستطيع أن أفهم لماذا يصر رئيسنا الحريص جدا على صلاحياته أن يترك أعظم هذه الصلاحيات تذروها الرياح، وكأنه ضجر بها: أن يكون رمز وحدة الدولة واعتزاز شعبها بكل ما يجمع شتاته، أن يذكر الناس هنا، عندما ينسون، بأن كل صراعات الدنيا لا تساوي لحظة واحدة يكونون فيها معا". وأضاف منصر: "ما حصل بتجاهل الرئيس للذكريات الوطنية (نعم، كلها منذ وصل قرطاج) هو إهانة للشعور الوطني. لا أريد أن أتذكر تلك الزيارة البائسة لفرنسا، ولا الخطاب البائس الذي تردد صداه من باريس إلى تونس. أريد أن أذكّر السيد الرئيس أنه لولا الاستقلال، ولولا كل المناسبات التي ترمز لوحدة وانعتاق التونسيين، لما استطاع حتى تعلم اللغة التي يرطن بها علينا اليوم". وشهر جوان الماضي، أثار الرئيس قيس سعيد جدلا بعد تطرقه إلى مسألة مطالبة فرنسا بالاعتذار عن جرائم الاستعمار، في حوار له مع "فرنس 24". حيث قال إن حالة تونس تختلف عن الجزائر، إذ كانت تونس تحت نظام الحماية الفرنسية لا الاستعمار كما حصل في الجزائر.