وصف غوردن غراي، السفير الأمريكي الأسبق بتونس (2009-2012)، إدارة قيس سعيد للسلطات بأنّها على منهج الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي الذي أطاحت به الثورة التونسية (ديسمبر 2010- جانفي 2011) وفرّ خارج البلاد يوم 14 جانفي 2011 في اتجاه المملكة العربية السعودية. وغرّد السفير غراي، على حسابه بموقع "تويتر": "في أوت، حذرت من أن سعيد يبدو أنه يسير على خطى بن علي وعبّرت عن أملي في ألا يستمر في تقليد بن علي. يُظهر ازدراء سعيد للمؤسسات الديمقراطية وعدم اهتمامه بالاقتصاد، أن هذه الآمال كانت في غير محلها". وجاءت تغريدة غراي يوم 31 ديسمبر 2021، مع انتشار خبر احتجاز المحامي والنائب نور الدين البحيري في مكان مجهول رفضت وزارة الداخلية الإفصاح عنه. ويشير غراي إلى مقاله الذي كان قد كتبه لموقع Analysis بعنوان "قصّة رئيسين" يوم 5 أوت الماضي تعليقا على إعفاء قيس سعيد للسفير التونسي في واشنطن نجم الدين الأكحل. وقد عاد غراي في مقاله إلى تاريخ الانتخابات الرئاسية في أكتوبر 2009 عندما فاز بن علي بنسبة 89 بالمائة من الأصوات. وهي انتخابات تم تزويرها منذ البداية، حسب تعبير السفير. وهو ما جعل فريق السفارة الأمريكية في تونس يوصي الرئيس أوباما بالامتناع عن إرسال رسالة تهنئة روتينية. كان منطقنا أن النظام التونسي قد يسيء فهمها ويعتبرها تأييدا لحكم بن علي. وقد غضب قصر قرطاج من هذا التجاهل الصارخ لدرجة أنه أصدر تعليماته للسفير التونسي في واشنطن لإقناع الإدارة الأمريكية بالتراجع عن القرار، وفشل في ذلك وهو ما دفع بن علي إلى إقالة سفيره. واعتبر غراي، في مقاله، أنّ قرار بن علي لا يختلف عن قرار قيس سعيد رغم أنّ "هناك فرق كبير بين عامي 2009 و2021، فقد انتخب قيس سعيد رئيسًا بنسبة 73 بالمائة من الأصوات في انتخابات نزيهة وحرة ، لكن تحركاته الأخيرة تبدو استبدادية بشكل متزايد"، حسب تعبير السفير غراي. لقد كان قرار سعيّد يوم 3 أوت 2021 بإقالة نجم الدين لكحل، الذي يصفه غراي ب"المبعوث التونسي الماهر وذوي الخبرة"، ردّ فعل على النقاش الذي دام ساعة بين سعيد في 31 جويلية 2021 مع مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان، والذي ركز خلاله سوليفان على الحاجة الماسة للقادة التونسيين لتحديد عودة سريعة إلى طريق تونس الديمقراطي ". وقال غراي "أخطأ سعيد في إقالة سفيره في هذا الوقت الحرج للعلاقات الأمريكيةالتونسية". وختم غراي مقاله يوم 5 أوت 2021 بالقول: "حركة سعيد تظهر قلة الخبرة والحساسية، فإذا كان صحيحًا أنه ألقى باللوم على الأكحل في تحذيرات سوليفان قبل ثلاثة أيام. فهو من خلال اتباع خطى بن علي ، يذكرنا سعيد بملاحظة مارك توين أن التاريخ لا يكرر نفسه ، ولكنه غالبًا ما يكون متناغمًا". واضاف: "دعونا نأمل من أجل مستقبل تونس ألا يقلد سعيد بن علي بطرق أخرى كذلك".