كان أحمد نجيب الشابي رئيس الهيئة السياسية لحزب الأمل، قد أطلق يوم 9 أفريل الحالي مبادرة تحت عنوان "بيان 9 أفريل"، تلا نصّها خلال الوقفة الاحتجاجية بشارع الحبيب بورقيبة يوم 10 أفريل. وشدّد الشابي على أن تونس في أشد ما تكون إلى إنقاذ وطني، وأنّ مستقبل البلاد "يتوقف اليوم على مؤتمر للحوار الوطني، حوار جامع وناجز لا يقصي أحدا ولا يرتهن مستقبل البلاد بيد أحد". وتتمثل مهام هذا الحوار في إقرار الإصلاحات الاقتصادية والسياسية التي من شأنها إخراج تونس من أزمتها. وتتمثل الإصلاحات السياسية في بحث مواطن الوهن في نظامنا السياسي والانتخابي من خلال تعديلات دستورية وقانونية تخرج البلاد من حالة عدم الاستقرار الحكومي في كنف الفصل والتوازن بين السلطات. وتقترح المبادرة بحث السبل العملية للعودة إلى الشرعية الدستورية ومنها إمكانية دعوة البرلمان إلى الانعقاد للمصادقة على مخرجات الحوار الوطني وتزكية حكومة الإنقاذ وتنظيم انتخابات. ودعا الشابي كافة القوى المعنية بالإنقاذ وبالعودة إلى الديمقراطية أن تلتقي حول هذه الأرضية وأن تتعاون على بناء "جبهة للخلاص الوطني". وفي يلي نصّ المبادرة: "بيان 9 أفريل نحيي اليوم ذكرى الشهداء، شهداء 9 أفريل 1938، الذين سقطوا في الشوارع منادين ببرلمان تونسي. تحل علينا هذه الذكرى وقد سرقت من التونسيين أحلامهم من قبل رئيس الجمهورية الذي أقدم على تعليق الدستور وحل البرلمان وحل المجلس الأعلى للقضاء، واقتاد العشرات من الشخصيات المدنية أمام القضاء العسكري، فيما أخضع آخرين الى الإقامة الجبرية وحرم عامة المستثمرين والسياسيين من حرية السفر، وسوّل لنفسه إقامة حكم فردي مطلق لا يخضع لرقيب أو حسيب، رئيس الجمهورية الذي ارتد عن دستور البلاد وقسّم التونسيين وعزل بلادهم عن العالم الخارجي وتجرأ على إحالة اكثر من مائة وعشرين نائبا منتخبا على البحث امام فرقة مقاومة الإرهاب بتهم كيدية اثارت سخط العالم. وتأتي هذه الردة السياسية في ظل أزمة مالية خانقة سببها العجز المزدوج لميزانية الدولة ولميزان المبادلات الخارجية، ما فاقم المديونية العمومية وأعاق قدرة الدولة على الاقتراض، وباتت عاجزة عن الوفاء بالتزاماتها إزاء الدائنين والمزودين، وما آل اليه ذلك كله من انقطاع للمواد الغذائية الأساسية وللأدوية من الاسواق والتهاب للأسعار وارتفاع نسب الفقر والبطالة الى مستويات غير مسبوقة. إن استمرار هذا الوضع يهدد تونس بخطر الإفلاس والتفكك ويعرض مستقبلها الى المجهول. إن تونس في أشد ما تكون إلى إنقاذ وطني، تقع مهمته على عاتق التونسيين كافة، مهما اختلفت مشاربهم وتعددت توجهاتهم، فلا منقذ لتونس اليوم سوى شعبها ممثلا بهيئاته المدنية ومنظماته المهنية وقواه السياسية وشخصياته الوطنية المستقلة. مستقبل تونس يتوقف اليوم إذن على مؤتمر للحوار الوطني، حوار جامع وناجز لا يقصي أحدا ولا يرتهن مستقبل البلاد بيد أحد. وتتمثل مهام هذا الحوار في إقرار الإصلاحات الاقتصادية والسياسية التي من شأنها إخراج تونس من أزمتها: - إصلاحات اقتصادية تنتهي إلى إيقاف نزيف المالية العمومية من ناحية وإلى النهوض بالاقتصاد عبر تعبئة موارد الاستثمار، العمومي والخاص، الداخلي والخارجي، لاستعادة النمو والتشغيل والتصدير، من ناحية ثانية. - وإصلاحات سياسية تتطرق إلى مواطن الوهن في نظامنا السياسي والانتخابي من خلال تعديلات دستورية وقانونية تخرج البلاد من حالة عدم الاستقرار الحكومي ومن شلل مؤسسات الدولة فتعود لها وحدتها ونجاعتها في كنف الفصل والتوازن بين السلطات. - ومن الإصلاحات السياسية أيضا البحث في السبل العملية للعودة الى الشرعية الدستورية ومنها إمكانية دعوة البرلمان إلى الانعقاد للمصادقة على مخرجات الحوار الوطني وتزكية حكومة الإنقاذ وتنظيم انتخابات مبكرة في بيئة نقية تؤطر التمويل ودور الجمعيات وحياد الاعلام ومؤسسات سبر الآراء وغيرها.. أو الدعوة الى استفتاء. - وفي غياب حكومة فعلية تحتل مسألة تشكيل حكومة إنقاذ رأس الأولويات، فلا مجال لتحقيق الإصلاحات والنهوض بالاقتصاد وتثبيت الاستقرار الاجتماعي دون حكومة تتحلى بالكفاءة والمصداقية وتحظى بدعم سياسي عريض. ولهذه الإصلاحات كلفة اجتماعية لا يمكن أن يتحملها طرف اجتماعي دون آخر، وهي إصلاحات لن تجد طريقها إلى الإنجاز والتحقق دون درجة عالية من التضامن والتكافل والوحدة. مهام الحوار الوطني واضحة واهميته لا تخفى على أحد وضرورته لا يختلف فيها اثنان، ورغم ذلك تبدو شروط انعقاده غير مكتملة لغياب الإرادة السياسية لدى القوى الفاعلة في الوقت الراهن. لذلك فإن إنضاج الشروط البشرية والمضمونية لانعقاد مؤتمر الحوار الوطني يقع اليوم على كاهل المعارضة بقطع النظر عن خلافاتها لكل ذلك وفي هذه اللحظة الحرجة من حياتنا الوطنية فإني أتوجه بنداء حار إلى كافة القوى المعنية بالإنقاذ وبالعودة إلى الديمقراطية أن تلتقي حول هذه الأرضية وأن تتعاون على بناء "جبهة للخلاص الوطني" تعمل على توحيد للكفاح الميداني وعلى إعداد برنامج الإنقاذ والدفع إلى عقد مؤتمر الحوار الوطني دون توان ولا إقصاء".