_ رغبة الصحبي عتيق في مغادرة رئاسة كتلة النهضة بالمجلس الوطني التأسيسي ليست وليدة اللحظة ، بل تعود إلى زمن بعيد شعر فيها الرجل وهو الباحث الأكاديمي ، صاحب شهادة الماجستير في العلوم الإسلامية، ، ومن الذين ساهموا في تدوين الوثيقة المرجعية التي يطلق عليها المنهج الأصولي لحركة النهضة أن حجم الدسائس والتجاذبات ، والافتراء ، وتلبيس الحق بالباطل ، وتحميل المواقف والمفردات مالاتحتمل ، أكبر من أن يحتمله . مصاعب رئيس كتلة حركة النهضة المستقيل ازدادت على إثر تصريحه الشهير في 14 جويلية الماضي خلال اجتماع عام نظمته حركة النهضة لمساندة الشرعية والتنديد بالانقلاب في مصر بشارع الحبيب بورقيبة توعّد فيه الذين ينوون التمرّد على الشرعية باستباحتهم في الشوارع من قبل الشعب فثارت الساحة السياسية ، وشنت عليه حملة إعلامية بدعوى تحريضه على العنف . داخليا ، تعايش الصحبي عتيق مع عدة صعوبات وانفلاتات ، تضجر منها وحاول محاصرتها من قبيل تصريحات سنية تومية ، ومداخلاتها غير المألوفة ، وبعض مداخلات النواب الحبيب اللوز ، ونجيب مراد والصادق شورو ، وعدم انضباط بعض النواب أثناء التصويت ، وتلويح بعضهم بالاستقالة من الكتلة في مناسبات عديدة متناسين انهم دخلوا المجلس ممثلين للشعب على قوائم حزب اختارهم دون غيرهم ليجسم من خلالهم مواقفه السياسية إزاء قضايا البلاد الرئيسية ، هذا فضلا عن الضغوطات التي ظلت تمارس عليه باعتبار صفته من قيادة حركته ، ووضعته بين مطرقة الانضباط الحزبي ، وسندان تعنت بعض النواب ، وكير الوضع السياسي المتأجج . وكان خلافه مع سامية عبو بمثابة القطرة التي أفاضت الكأس التي اتهمته وكتلته بالمساومة والصفقات عقب عدم تمرير الفصل 167 و الذي ألمح خلاله عتيق ردا على خطابها التخويني بانه لم يتعود على المساومات رغم قضائه أكثر من 16 سنة سجنا ، في حين قبل بها زوجها . رد محمد عبو الذي انتصر لنفسه ولزوجته كان عنيفا ، عنفا مبالغا فيه إذ اتهم عتيق بالانحطاط الأخلاقي ، في حين كان لم يكن موقف حركة النهضة مساندا لعتيق من خلال البلاغ الذي أمضاه امس رئيس المكتب السياسي عامر العريض الذي يقول فيه : (إثر التصريحات التي وردت على لسان الأخ الصحبي عتيق والتي بدت فيها إساءة للأستاذ محمد عبو فإن حركة النهضة تؤكد أن الإساءة لم تكن مقصودة وأن الحركة تكن كل التقدير للأستاذ عبو وتتقدم له بالإعتذار.) كل هذه الأسباب متجمعة ، وغيرها مما لايتسع المجال لذكره ، جعل الصحبي عتيق أحد القيادات المعروفة بشدة انضباطها لقرارات حركة النهضة ، يعلن استقالته فقد عيل صبره ، ولم يعد قادرا على مزيد احتمال الضغوطات المسلطة عليه من قبل الساحة السياسية والحركة والكتلة ووسائل الإعلام ، وآثر أن ينسحب في صمت حتى يتيح لنفسه المرهقة شيئا من الراحة . ويبدو أن أن النية تتجه لأن يخلفه في خطته نائبه في رئاسة الكتلة النائب الوليد البناني فيما تبقى من الفترة النيابية للمجلس الوطني التأسيسي . لطفي هرماسي