أثار قرار دولة الإمارات العربية المتحدة بشأن منع التونسيات من السفر إليها أو حتّى المرور بها موجهة من الغضب والاستنكار الشديد بسبب القرار المفاجئ وغير المبرّر في حقّ تونس خاصة بما يوحي هذا القرار من تعدّي فاضح عن كرامة التونسيات بخصّهنّ بهذا القرار. وأعاد هذا القرار المفاجئ إلى الأذهان المحاولات المستمرّة لدولة الإمارات للتدخّل في الشأن التونسي وفي المشهد السياسي باستمرار لدعم أطراف معيّنة والتخلّص من أطراف أخرى أتى بها صندوق الاقتراع إلى سدّة الحكم وهو ما قبلته تونس دائما بالرفض. ولا تزال الإمارات تحاول تغيير المشهد السياسي في تونس بسبب معداتها بما يعرف بالإسلام السياسي المتمثّل في حركة النهضة والأحزاب الثورية خوفا أن تطالها رياح الثورة وتنفيذا لمشروعها في المنطقة والتي تنفذه في اليمن من انطلاق عاصفة الحزم والتي عصفت بكل بشعب بأكمله وعمّقت جراحه بسبب التدخّل السافر للإمارات والسعودية. وكان دولة الإمارات قد قطعت علاقتها بتونس أيام حكم الترويكا ودعّمت الانقلاب في مصر ومنّت النفس بتكراره في تونس ولكن خاب أملها وهو ما جعلها تعاود الكرّة في كلّ مرّة. وكان الصحفي سفيان بن فرحات قد ادلى بتصريح على قناة نسمة، حول الدور الإمراتي في تونس حيث نقل حوار دار بينه وبين الرئيس الباجي قائد السبسي، مفاده أن الإمارات اشترطت إعادة إنتاج المشهد المصري لتمكن السبسي من إعانات اقتصادية سبق ووعد بها في حملته الانتخابية، وواصل بن فرحات نقله بالقول إن السبسي اعتبر هذه الأجندة "مكلفة جدًا" وبأنه غير قادر على تطبيقها، وهو ما يفسر غياب الدعم الإماراتي بل وعملها من اجل عرقلة التوافق في تونس ومناصرة أطراف على اخرى. وبعد إعلان السعودية والإمارات والبحرين مقاطعة قطر، ظهرت وثيقة مسربة على الإنترنت بعنوان "الإستراتيجية الإماراتية المقترحة تجاه تونس" منسوبة إلى مركز الإمارات للسياسات، كشفت عن "خطة إماراتية" لحشر الإسلام السياسي في الزاوية وبسط نفوذ الإمارات في تونس. وتحتوي الوثيقة على سبع صفحات، وبالرغم من صياغتها المقتضبة قدمت معرفة دقيقة بتطورات المشهد السياسي في تونس. أما الهدف منها فيكشف عن رغبة في التدخل بشؤون البلاد سعيا إلى إضعاف نفوذ حركة النهضة وتهميش دور قطر مقابل خلق أطراف موالية للإمارات. وأجابت الوثيقة التي أُعدت أول الشهر الجاري عن ثلاثة أسئلة مفصلية تتعلق بمآل الأوضاع في تونس، والسياسات المقترحة لدولة الإمارات لتعزيز نفوذها، وتحديد القوى السياسية والاجتماعية الفاعلة في تونس التي يمكن الاعتماد عليها لخلط الأوراق والإمساك بخيوط اللعبة السياسية وارتبط اسم دولة الإمارات بحالة الانتكاس التي شهدتها ثورات الربيع العربي في تونس ومصر وليبيا بالأساس، وسال كثير من الحبر حول أموال طائلة بذلتها في هذه الدولة من أجل صد موجة صعود تيار الإسلام السياسي لسدة الحكم بالتعاون مع المملكة العربية السعودية.