لم يتوقف الجدل بشأن القانون المنظم للهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين ، فبينما اعتبر نواب من الشعب ان هذا القانون سيقلص من استقلالية الهيئات الدستورية و سيفرغها من محتواها عبر إبقاء الهيئات تحت أعين السياسيين الذين سيسيطرون عليها، يرى الفريق الثاني من النواب و التي تقوده حركة نداء تونس و بعض المستقلين ان معاقبة اعضاء الهيئة الانتخابية في حال مخالفتهم للقوانين يأتي في إطار المهام الرقابية لمجلس النواب ، مؤكدين ان مجلس النواب لا يمكن أن يقتصر دوره في مناقشة ميزانية الهيئات . هذا و قررت لجنة التشريع العام وضع مشروع القانون الأساسي المتعلق بالأحكام المشتركة بين الهيئات الدستورية في صدارة أولياتها التشريعية خلال الأسبوع الجاري وستعقد بداية من يوم الأربعاء جلسات مسترسلة للنظر فيه رغبة في أن تقع المصادقة عليه في جلسة عامة تمت برمجتها يوم السادس عشر من شهر جانفي2018. وكان مجلس نواب الشعب صادق في جلسته العامة المنعقدة يوم 8 ديسمبر الماضي على إعادة هذا المشروع الى اللجنة، وذلك بناء على طلب ممثلي الكتل البرلمانية حبيب خضر عن النهضة والطيب المدني عن نداء تونس وسماح بوحوال عن الحرة لحركة مشروع تونس وأحمد الصديق عن الجبهة الشعبية وعماد الدايمي عن الديمقراطية ونور الدين المرابطي عن الاتحاد الوطني الحر وهاجر بن الشيخ احمد عن آفاق تونس وصبرين قوبنطيني عن الوطنية. وعبر ممثلو الكتل في تلك الجلسة عن رغبتهم في إعادة هذا المشروع للجنة التشريع العام قصد منحها مهلة اضافية للتعمق فيه ولتفكيك شفرات قرار الهيئة الوقتية الذي وصفه بعضهم بالغامض، فالهيئة أعادت إلى مجلسهم مشروع القانون مرتين دون أن تفسر مكن الخلل ودون أن تشفي غليلهم ودون أن تريحهم برد واضح وصريح لا يقبل التأويل.. و امضى 30 نائبا بمجلس نواب الشعب في جويلية 2017 عريضة طعن في عدم شرعية قانون الهيئات الدستورية المستقلة الذي أثار جدلا كبيرا بعد ان صادق عليه مجلس نواب الشعب في 5 جويلية ، مؤكدين أن نص القانون مخالف للدستور بسبب عدم استقلالية الهيئات الدستورية تجاه السلطة التنفيذية، ممثلة في رئاسة الحكومة. و شدد نواب المعارضة انذاك على مخالفة الفصول 2 و10 و11 و24 و33، وفق نص العريضة، للعنوان الوارد بالباب السادس والفصول من 125 إلى 130 من الدستور . و قررت الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية القوانين،على اثر ذلك ، قبول الطعن شكلا وفي الأصل، بعدم دستورية الفصل 33 وما تبعه من تنصيص بالفصلين 11 و24 من القانون الأساسي المتعلق بالأحكام المشتركة بين الهيئات الدستورية المستقلة ورفض الطعن في ما عداه. ونظرت اللجنة في هذا القرار، وعدلت الفصول موضوع الطعن بعد أن استمعت الى الخبيرين شفيق صرصار ومحمد الفاضل موسى ومرر مكتب المجلس النص المعدل على الجلسة العامة التي صادقت عليه، لكن الهيئة الوقتية صرحت مرة أخرى بتاريخ 23 نوفمبر 2017 بأنّ الصّيغة المعدّلة للفصل 33 لم ترفع الإشكال الدّستوري طبقا لقرارها عدد 4 لسنة 2017 المؤرخ في 8 أوت 2017. و يتعلق الفصل 33 بكيفية حل مجالس الهيئات الدستورية أو إعفاء عضو منها في حالة ارتكابه لخطأ جسيم سواء من قبل مجلس نواب الشعب أو مجلس الهيئة نفسه. و لا يخف الكثير من نوابه خشيتهم من أن تسقط الهيئة الوقتية تعديلاتهم مرة أخرى، وتشبثوا خلال الجلسة العامة باستثناء نواب المعارضة بإخضاع الهيئات الدستورية للمساءلة من قبل السلطة التشريعية حتى أن هناك منهم من أخبر إنه لا يمكن ترك الهيئات الدستورية سائبة ترتع في الطبيعة دون رقيب أو حسيب. و يلخص النائب عن النهضة بشير الخليفي مواقف النواب بالإشارة الى أن هناك بعض النواب اقترحوا حذف الفصل 33 وما تبعه وقالوا إن الابقاء عليه يمكن ان يؤدي إلى نفس النتيجة أي بيان الهيئة بعدم الدستورية، وهناك رأي آخر اتجه الى ضرورة الابقاء على رقابة مجلس نواب الشعب على الهيئات الدستورية مع توفير ضمانات كافية لكي لا يقع المس من استقلاليتها .