ظلت المواقف السياسية في تونس تتأرجح بين خطابات مرتبكة تراوحت فيها القدرة على ازدواجية في المواقف ومحاولة لعب دور الشخصية المعارضة التي ظلت فاقدة الخيارات السياسية التي يمكن أن تخرج البلاد من عنق الزجاجة بعد بعض العثرات التي شهدتها تونس في مسيرة بناء الدولة التي يريدها الشعب. وانحرفت حرب السياسة في غالب الأحيان عن مسارها السياسي، وطرحت ارتباط السياسة بالأخلاق، ويحيل واقع الحال الى بعض الأحزاب التي صادقت على قانون المالية لسنة 2018، او على اغلب فصوله، وتسعى في المقابل الى اسقاطه في الشارع من خلال الدعوات الى النزول الى الشارع والاحتجاج على مضمونه. واعتبرت النائب عن حركة النهضة يمينة الزغلامي في حوار تلفزي أن عدد ا من نواب الجبهة الشعبية صوتوا لصالح قانون المالية لسنة 2018، ويدعون اليوم الى اسقاطه في الشارع، وحسب نتائج التصويت على مشروع القانون السبت 9 ديسمبر 2017، فقد صوت 134 نائبا لصالح القانون فيما إحتفظ 12 نائبا، فيما رفض 21 اخرون فقط التصويت. هذا وصوت عدد من نواب كتلة افاق تونس ضد مشروع القانون، فيما يبلغ عدد نواب الجبهة الشعبية 12 نائبا. اعلنت الجبهة الشعبية عن رفضها الزيادات في الأسعار التي قالت انها ستزيد في تفقير الطبقات الشعبية والوسطى معتبرة انها" مقدمة لسلسلة إجراءات تقشفية أخري فرضها صندوق النقد الدولي". ودعت "كل القوى السياسية والاجتماعية والوطنية والتقدمية وعموم أبناء الشعب التونسي وبناته المتضررين من الإجراءات الأخيرة ومما سيتبعها من إجراءات أخرى، لرصّ الصفوف استعداد للنضال في اطار ما وصفته ب"حركة نضالية مدنية سلمية لإسقاط هذه الإجراءات وتعليق العمل بقانون المالية ". هذا وندد المكتب التنفيذي لحركة النهضة بما أسماه "الدعوات المتكررة الصادرة من بعض الاطراف السياسية للمواطنين الى القيام بتحركات احتجاجية لفرض تعليق العمل بقانون المالية الجديد وادخال البلاد في حالة من الفوضى". واعتبر المكتب في بيان صادر عنه الخميس 4 جانفي 2018 هذه الدعوات "غير مسؤولة خاصة انها تصدر عن احزاب صادقت على قانون المالية او على اغلب فصوله تحت قبة مجلس نواب الشعب ثم تسعى الى اسقاطه في الشارع وتهديد الاستقرار والامن العام لحسابات حزبية واعتبارات انتخابية". وثمن المكتب من جهة أخرى، "دعوة رئيس الجمهورية الموقعين على وثيقة قرطاج للاجتماع لتدارس الوضع العام بالبلاد وتقوية الاسناد السياسي الداعم لحكومة الوحدة الوطنية في برامجها الاصلاحية وفي جهودها لمقاومة الفساد والحفاظ على القدرة الشرائية للمواطنين من متوسطي وضعاف الحال". ودعا الحكومة الى "مزيد الانصات لنبض الشارع ولشواغل المواطنين واعتماد سياسة تواصلية ناجعة واتخاذ اجراءات صارمة في تشديد الرقابة وحماية المستهلك والترفيع في المنحة المسندة للعائلات المعوزة بعد ان تعهد بذلك وزير المالية". ويبدو أن الوضع يتجه نحو الاحتقان في الايام القليلة القادمة، حيث استنكر الاتحاد العام التونسي للشغل بشدة الزيادة الأخيرة في عدد المواد ، المرتبطة بالاستهلاك اليومي للتونسيين، واعتبر أنها إجراءات قد تزيد من ترفيع نسب التضخّم كما تزيد من تدهور المقدرة الشرائيّة للمواطنين وتعمّق التفاوت الاجتماعي. هذا وقرر ناقلو البضائع، حسب بيان أوردته الجامعة الوطنية للنّقل بالاتحاد التّونسي للصّناعة و التجارة، "إيقاف تسليم المواد الأوليّة و من ثمّ إيقاف النّشاط لحين إلغاء معلوم الكشف بالأشعة على وحدات الشّحن، الذي شرعت الحكومة في تنفيذه مطلع 2018، وهو اول رد رسمي من منظمة الاعراف على قانون المالية لسنة 2018.