أحزاب كثيرة في تونس اختارت التموضع في منزلة بين المنزلتين، لا هي معارضة ولا هي مساندة، لتميل مع الكفة الرابحة حسب ما يناسب الاحداث والمستجدات ولا تخسر في الحالتين، لكن التشتت والاندثار كان مصير أغلبها وبقي في بعضها فقط أمينها العام، كحزب افاق تونس. وتبدو حركة الشعب واحدة من بين الاحزاب التي لم تحسم موقفها لا من الحكومة ولا من المعارضة، فهي أحد مكونات وثيقة قرطاج التي تمثل حزاما سياسيا للحكومة و تنص ضرورة على دعم الحكومة، لكنها تبحث في الوقت نفسه عن تحالف مع الجبهة الشعبية وبقية أحزاب المعارضة، يواجه الحكومة والاحزاب التي تدعمها. ورغم أن مسألة توحيد أحزاب المعارضة طرحتها أحزابها منذ فترة طويلة، إلا ان الجبهة الشعبية أعادت بعد التحركات الشعبية التي دعت اليها، طرحه على لسان الناطق الرسمي للجبهة الشعبية حمة الهمامي الذي دعا إلى تشكيل جبهة سياسية مدنية اجتماعية للتصدي لقانون المالية. وتشير مصادر "الشاهد"، إلى أن الجبهة دعت الى هذا التحالف كل من حركة الشعب الموقعة على وثيقة قرطاج، والتيار الديمقراطي، الذي لم يلبي الدعوة. في هذا الشأن، قال الأمين العام لحركة الشعب زهير المغزاوي في تصريح ل"الشاهد"، أن حركته تجري مشاورات مع أحزاب الجبهة الشعبية وحزب التيار الديمقراطي حول إمكانية توحيد أحزاب المعارضة، بهدف مواجهة الائتلاف الحاكم. وشدد على انهم يساندون فكرة التوحد في جبهة واحدة، وانهم نادوا دائما بهذا المطلب. وعن إمكانية اختلاف ذلك ومسار ونقاط وثيقة قرطاج التي وقعت عليها الحركة وهي من ضمن أطرافها، قال المغزاوي انهم معنيون أيضا بوثيقة قرطاج لكن غير معنيين بالمسار السياسي الذي انجر عنها حسب تصريحه. من جهته، قال الامين العام للتيار الديمقراطي غازي الشواشي في تصريح ل"الشاهد"، أن حزبه لم يلب دعوة الجبهة الشعبية للاجتماع مع عدد من الاحزاب المعارضة، بهدف التشاور حول توحيد صفوفهم في جبهة واحدة، لأسباب أرجعها الشواشي الى عدم جاهزية التيار للانضمام الى هذه الجبهة. وأشار في المقابل، أنهم يتقاطعون مع الجبهة في عدة نقاط بينها قانون المالية والتحركات المناهضة له، لافتا الى إمكانية التنسيق معها في تنظيم وتأطير تحركات للضغط على الجهات المعنية بالتراجع عن مضمون القانون المذكور في الايام المقبلة. وأضاف الشواشي أن الاجتماع حضره كل من الحزب الجمهوري والاتحاد النسائي، والوطد الاجتماعي، فضلا عن أحزاب الجبهة الشعبية. هذا وأعلنت الجبهة الشعبية عن مساندتها لحركة الاحتجاجات ضد قانون المالية لسنة 2018 التي انتشرت في قرابة 10 ولايات وانخراطها فيها وفق ما أكده الناطق الرسمي للجبهة حمة الهمامي الثلاثاء 09 جانفي 2018. واتهم رئيس الحكومة يوسف الشاهد شبكات لها علاقة بالجبهة الشعبية بالتورط في التحريض على اعمال العنف و التخريب التي رافقت الاحتجاجات، و أضاف ان هذه الشبكات لها مصالح متقاطعة مع بعض السياسيين غير المسؤولين ولها علاقة بالجبهة الشعبية. و اكد الشاهد ان موقف الجبهة الشعبية غير مسؤولين على الرغم من ان نوابها صوتوا على قانون المالية في مجلس النواب لكنهم لاحقا يدعون الى التظاهر ضده. من جهته، اعتبر رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي أن ما يحدث في تونس اليوم خطير، وأن انتشاره من الشمال الى الجنوب يمثل نوعا من الخطورة لكنه لن يهدد الدولة لأن الدولة قوية، لافتا الى أنه لا يمكن القيام بثورة على ثورة لأننا مازلنا نعيش عصر الثورة، متهما في ذلك أطرافا يسارية بالتحريض على أعمال العنف.