الصحافة العالمية و في أكثر من منبر سلطت الضوء على النجاحات التي حققتها تونس على صعيد الانتقال الديمقراطي ، إذ تواترت في الاونة الاخيرة العناوين المنبهرة بما حققته تونس ، هذا الدور كان من الأجدر ان تضطلع به الصحف المحلية التي نجدها على عكس هذا تركز في مقالاتها على الخطاب التشائمي و تنقل الوضع بسوداوية مطلقة. حالة التشاؤم التي سادت المجتمع التونسي بعد الثورة غذتها سواء بقصد أو بدون قصد الصحف المحلية التي رغم طفرتها اتفقت على التركيز على الجانب المظلم مجانبة النقاط المضيئة التي تسطرها تونس في مسيرتها ، فيما تمّ استغلال الصحف الاخرى لضرب الخصوم السياسيين بعضهم البعض باسلوب القدح في قدراتهم و ابراز فشلهم وهو ما ولد حالة من الاحباط و التشاؤم لدى المجتمع التونسي . و لئن عملت الصحف المحلية على رسم تونس بلون قاتم فان الصحف العالمية تنظر لبلادنا من زاوية مخالفة اكثر اشراقا و تفاءلا ، دور كان يجب أن تضطلع به الصحف التونسية من باب الحس الوطني قبل اي شيء. و نشر "هيلير" الباحث في مركز أتلانتيك كونسيل بواشنطن مقالا في صحيفة "ذو ناشيونال" بتاريخ 18 جانفي2018، أشاد فيه بالتجربة الديمقراطية التونسية بشكل مؤثر وهذا نص المقال كاملا ومترجما إلى العربية أحيت تونس هذا الأسبوع الذكر السابعة لثورة 14 جانفي 2011 وهي مناسبة حلوة تشوبها بعض المرارة بإعتبار العديد من التحديات التي تواجه الشعب ومن المهم أن نناقش تلك التحديات الكؤودة ولكن الأهم من ذلك أن نعدد مكاسب التونسيين الثورية ،دعنا نقارن بين ماكانت عليه تونس وما هي عليه اليوم ،قبل سبع سنوات كانت تونس ترزح تحت وطأة حكم إستبدادي مع بعض الأمل في إصلاحات قليلة في ظل ديكتاتورية بن علي وذلك لم يكن إستثناء في المنطقة ،لينهض التونسيون ويثوروا على اوتوقراطية ذهبت دون رجعة . بعد سبع سنوات يمكن أن نتفهم حنين البعض إل حكم بن علي الذي تميز بالأمان والإستقرار وسهولة نسبية في العيش حسب رأيهم وهو مايمكن مناقشته فلو كان ذلك النظام مستقرا لحافظ على ديمومته ولم يسقط بالشارع الذي تظاهر فيه أناس عاديون فنفس الإحتجاجات صارت سنة 2003 في بريطانيا ضد الحرب على العراق لكنها لم تسقط السلطة ،كان هناك خطأ ما في تونس أظهرته الثورة. لا خلاف أن الثورة لم تف بكل وعودها فلا زالت الظروف الإقتصادية صعبة وهو مايفسر إندلاع موجة إحتجاجات جديدة لكنها مغايرة تماما عن تلك التي وقعت بين 2010 و 2011. من الضروري ان تكون واقعيا مع ما تحقق منذ 2011لكن عليك أن تكون متفائلا بتونس 2018،فبالنظر إلى ماتحقق على المستوى الأمني والهيكلة الإقتصادية مازال الطريق طويلا فالكثير من المشاريع مازالت معطلة ومعلقة غير أن الإنجازات السياسية والديمقراطية تستحق الإشادة والتثمين في محيط إقليمي ساخن وتحديات داخلية وخارجية جمّة فقد نجحت تونس في صياغة دستور رائد تحسده عليها كل الدول وليس في المنطقة العربية فقط بل في كل العالم ،ذلك الدستور الغالي الذي كتب بدماء ودموع وعرق الشعب التونسي ،فعلا كان دستورا مكلفا حتى يخرج النور ويصبح حقيقة. من الأكيد أن هناك مؤشرات تدعو إلى الحذر بشكل كبير لأن التجربة التونسية أكثر من إنتقال بل هي تجربة ديمقراطية بما للكلمة معنى لكنها تحتاج إللى المساعدة من جيرانها وأصدقائها فمساعدة تونس ليست منّة بل إستثمارا في إستقرار وديمقراطية المنطقة ضد الفكرة التي تقول أن المستقبل للأتوقراطيات والديكتاتوريات وجنرالات العسكر وهو إستثمار في الحرية والحياة ،ببساطة هو إستثمار بوزن الذهب وينبغي لنا جميعا أن نفهم ذلك ونبني عليه. هذه التجربة لم تعد مجرد تجربة بل بداية مؤسساتية حقيقية ،بإمكاننا أن نترك تونس تسقط كما سقطت تجارب أخرى سنحتاج وقتها قرونا طويلة حتى تتكرر،تونس بلد جميل وشعبها عظيم وعلينا أن ندعمها فهي تستحق. على شعب تونس أن يفخر بإنجازاته وبكل يوم يستمر فيه حلمه وتجربته الديمقراطية أمام المصاعب ومكائد المتربصين في الداخل والخارج وهذا نجاح ،ألا يستحق ذلك منا أن نقف له إجلالا مصفقين بحرارة