تمكن الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة زالصناعات التقليدية طيلة السنوات الثلاث الاخيرة من تجاوز الصورة النمطية الملتصقة به باعتباره منظمة البورجوازية الثرية والمرفهة التي تدافع عن الطبقة الثرية في مواجهة الكادحين والشغالين، وتمكن خلالها من المصالحة مع استحقاقات الثورة الموافقة بين المطلبية المتنامية للشغالين، وبين مصالح الأعراف وبين حسن التفاوض مع الحكومة حفاظا على السلم الاجتماعي الذي تطلبه الدولة. تعيش تونس منذ إنتخابات 2014 على وقع أزمة مترامية شملت الجانب الإقتصادي و الإجتماعي و عمّقتها التجاذبات بين اللأطراف الاجتكاعية والسياسية، ويتوقع مراقبون أن يعيد رئيس منظمة الاعراف المنتخب حديثا سمير ماجول التوافق بين منظمته والمنظمة الشغيلة خاصة بتقارب مواقفهما حول وثيقة قرطاج. وأعلن ماجول في أول تصريح بعد فوزه أن منظمة الأعراف لن تنسحب من وثيقة قرطاج حتى لو انسحبت منها كل الاطراف الممضية عليها، وأشار ماجول في المقابل إلى أن الاتحاد أبدى بعض التحفظات على الوثيقة لكونها لم تعط الجانب الاقتصادي حظه وفق قوله. كما أكد معز السلامي عضو المكتب التنفيذي الجديد لمنظمة الأرباب ل"العرب" أن "المنظمة مازالت متمسّكة بوثيقة قرطاج شأنها شأن بقية المنظمات الوطنية"، وأضاف "تمسّكنا بالإيفاء بتعهّدات الرئيسة السابقة وداد بوشماوي بالبقاء في وثيقة قرطاج لن يكون بمثابة الصكّ على بياض". وهو نفس الموقف الذي يتبناه الاتحاد العام التونسي للشغل حيث ترى قياداته ان تونس في حاجة الى إستقرار سياسي وليس الى إرباك جديد وإهدار وقت لتشكيل حكومة أخرى، وانهم يرفضون شعارات إسقاط الحكومة لمصلحة تونس وتفادي عدم الإستقرار، وشدد الأمين العام المساعد للاتحاد حفيّظ حفيّظ أن الإنسحاب من وثيقة قرطاج غير مطروح البتة بالنسبة لنا ونحن لا نرى أي مبرّر للخروج منها وحتى في حال وجود مستجدّات فالمسألة تطرح على الهيئة الإدارية ولكن الى الساعة ما زلنا نعتقد ان مضامين وثيقة قرطاج يمكن ان تكون تجميعا للقوى المدافعة عن تونس. ويترقّب المتابعون للساحة السياسية في تونس معرفة الخط الذي ستنتهجه المنظمة بإشراف رئيسها الجديد، خاصة في التعاطي مع أهم شريك اجتماعي في البلاد وهو الاتحاد العام التونسي للشغل، وذلك بعد حالة من التذبذب والتنافس والاختلاف في المواقف التي ظهرت مؤخرا إلى العلن. ومن أبرز الملفات الخلافية الآنية بين الطرفين ملف خوصصة المؤسسات العمومية والتي يعتبرها اتحاد الشغل خطا أحمر، فيما تعتبر منظمة أرباب العمل أن بعض المؤسسات العمومية خاسرة وتثقل كاهل الموازنة العامة للدولة وأنه من الضروري التفريط فيها للقطاع الخاص. في هذا الشأن بين السلامي أن "المكتب الجديد للمنظمة يأمل في أن تكون العلاقة مع قيادات المنظمة الشغيلة مبنية على الاحترام المتبادل وتجنب الصدام". هذا وعبّر الرئيس الجديد لمنظمة الاعراف عن أمله في عودة الانتاجية والتصدير في تونس والتقليص من نسبة الاضرابات، مؤكدا استعداد منظمته لحل جميع المشاكل مع اتحاد الشغل وذلك خدمة لمصلحة البلاد والاقتصاد الوطني وفق قوله. من جهته، أكد الامين العام المساعد للاتحاد العام التونسي للشغل حفيّظ حفيّظ في تصريح صحفي أن الإتفاق الإطاري الممضى مع إتحاد الصناعة تحت إشراف رئيس الحكومة نصّ على الدخول في مفاوضات جديدة في إفريل 2018 وستكون مفاوضات قطاعية وليست ممركزة ، مشدد على أن الظرف لم يعد يحتمل السكوت على المسائل الترتيبية بإعتبار انها لم تعد تتلاءم مع ما ورد في دستور 14 جانفي والمعايير الدولية ولما ورد في العقد الإجتماعي والبرنامج الوطني للعمل اللائق، وبالتالي ما توصلنا إليه في التشريعات العليا يجب ان يُترجم في التشريعات الدنيا. وقال إن الاتحاد يتفاعل مع كل الأوضاع ويعرف ان الوضع الإقتصادي صعب مما يجعل المفاوضات ليست بالسهولة التي يتصوّرها اي كان، ولكن نعلم ايضا ان المطلوب من الشريك الإجتماعي هو الإلتزام بالإتفاقيات الممضاة على مستوى مركزي فهناك عديد الغرف التابعة لإتحاد الأعراف لا تلتزم بالإتفاقيات الممضاة كالحراسة والتنظيف وهو أمر مقلق ولكن نحن متأكدون اننا سنجد حلولا خلال المفاوضات المقبلة وسنسعى للحوار والتوافق وفي نهاية المطاف بالنسبة لنا سندافع عن منظورينا ولنا سلاح النضال.