أشهر قليلة تفصلنا عن الاستحقاق الانتخابي البلدي المرتقب، الذي تأجل في أكثر من مناسبة لسبب أو لآخر، ومع ذلك تواصل أطراف سياسية مضافرة جهودها لمزيد تأجيل هذه الانتخابات الأولى من نوعها بعد الثورة. ومع اقتراب الموعد، المقرر في 6 ماي 2018 ، علت أصوات منددة بعدم المصادقة على قانون المجلات المحلية بعد منوهين بضرورة جاهزية القانون قبل اجراء الانتخابات البلدية، الأمر الذي لم يكن مطروحا قبل الآن سيما وأن الهيئة العليا المستقلة للانتخابات أكدت في أكثر من مناسبة أن إجراء الانتخابات البلدية وفق القانون القديم في انتظار استكمال القانون الجديد مشرّعا قانونيا . وكعادتهم استمات نواب المعارضة في "المعارضة" على قرار اجراء الاستحقاق الانتخابي البلدي قبل استكمال قانون الجماعات المحلية، معتبرين أنه حجر أساس في الاتفاق الحاصل مع الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، غداة تحديد الروزنامة الانتخابية وإعلان موعد الاقتراع. هذا وأعرب ممثلو المجتمع المدني عن تخوفهم من تأثير بطء المناقشات وتقدم اللجان البرلمانية في المصادقة على القانون وإمكانية تعطيل مسار الانتخابات البلدية. وفي خضم هذا الشأن، أكد رئيس لجنة تنظيم الإدارة وشؤون القوات الحاملة للسلاح محمد الناصر جبيرة، ، أن اللجنة توصلت إلى مناقشة قرابة ثلثي مجلة الجماعات المحلية، أي ما يناهز 218 بنداً من أصل 340. وأشار، في تصريح للعربي الجديد إلى أنه سيتم إنهاء المناقشات خلال شهر فيفري القادم، وسيعرض المشروع على الجلسة العامة، معتبراً أن المصادقة النهائية يمكن أن تكون قبل الانتخابات البلدية. ومن جهته، قال رئيس مجلس النواب محمد الناصر، إن ما يعتبره البعض بطءا في عمل المجلس، هو ضرورة لتوسيع الاستشارة والتمعن ودراسة القانون جيداً وتشريك جميع الأطراف والمهتمين، لأن هذا القانون يهم جميع التونسيين، وسيغير النظام العام في البلاد، ويرسم مشهداً جديداً يهم الأجيال المستقبلية، عبر تمكين الجماعات المحلية المنتخبة من نفوذ وصلاحيات أوسع. وأشار رئيس البرلمان إلى الخصوصية التي يتميّز بها موضوع الجماعات المحلية، باعتباره سيغيّر النظام في ما يخص الجهات والأقاليم في علاقتها بالدولة. وأكّد ما نص عليه الدستور الذي أقر التزام الدولة بدعم اللامركزية واعتمادها في إطار مبدأ وحدة الدولة، مبيّنا أن مفهوم السلطة المحليّة ومواصفاتها لا يتعارضان مع هذا المبدأ، ولا يمكن أن يكونا عاملَ تفتيت للروابط المكوّنة للكيان الوطني. وأضاف أن "أهم ما تحتاجه بلادنا هو التماسك والتضامن بين كل مكوّنات الشعب والالتفاف حول الدولة الضامنة للعدل والاستقرار والأمن". وتابع الناصر اللجنة تقوم بدورها على أفضل ما يكون، وهي تستحق الثناء نظراً لتقدم أشغالها، موضحاً أنه "لا توجد علاقة بين قانون الجماعات المحلية والانتخابات البلدية ولا يعطل عدم المصادقة عليه، كما يروج له، إجراء الانتخابات في موعدها".