كثيرا ما تتجاوز التصريحات حدود الكلام وضبط النفس لتتحول الى استعراض للعضلات حتى يكاد يتحول الكلام الى تشابك بالايادي، وبات الخطاب السياسي المتشنج و شيطنة الشخصيات السياسية من أهم ملامح المشهد السياسي التونسي . و تحوّل خطاب السياسيين في تونس من خطاب موزون يحترم أبجديات العمل السياسي إلى خطاب عشوائي لا يرتكز على مبدأ معين ، يطغى عليه الحقد و الكراهية و المنافسة الصمّاء، و بدل ان تستعين بعض الاحزاب ببرامجها تستعين بأشهر قيادتها الذين لا يرون اشكالا في اتهام هذا و قدح ذلك ووصل بهم الأمر إلى حدّ تمنّي الفشل لذلك الحزب ، في بادرة تدل على عجز هذه الأحزاب في تبنّي خطاب محترمٍ. و تمنّى رئيس حزب آفاق تونس ياسين إبراهيم في تصريح لقناة التاسعة ان تخسر حركة النهضة الانتخابات في 2019 وتبقى في المعارضة. وأضاف ياسين ابراهيم التجارب أثبتت ان حركة النهضة هي المسيطرة على الحكم حتى لو دخلت في شراكة مع حزب او أكثر اذ انه في اية خطوة نجدها هي المهيمنة والمتحكمة. وتابع ياسين ابراهيم علينا ان نواجه سيطرة النهضة على دواليب الدولة من خلال صناديق الاقتراع. وكان حزب " آفاق تونس " قرر القطع مع المنظومة السياسية الحالية المنبثقة عن " وثيقة قرطاج " ودعا ممثليه في الحكومة إلى التخلي عن مهامهم. و يتواصل التساؤل حول مصير حزب افاق تونس، الحزب الذي يشهد انقساماً حاداً قد يقود إلى إضعافه بشكل كبير، لا سيما بعد تخلّي وزرائه عنه و انسحابه من وثيقة قرطاج، وما تبعها من استقالات متتالية لابرز قياداته من بينهم رئيس المكتب السياسي كريم الهلالي ، الخسائر المتراكمة على الحزب جعلته ينتقل من موقع المساند الرسمي للحكومة الى موقع العدوّ اللّدود الذي ما فتئ يستغل كل المنابر الاعلامية لا لشيء سوى لمهاجمة الحكومة التي ساندها بالأمس . ويفسر المحلل السياسي و الديبلوماسي السابق عبد الله العبيدي، حالت الصراع الحامي بين الاحزاب السياسية في تونس و التي ارتكزت في جزء كبير منها على القدح و الثلب و احيانا الشتم بغياب الخطاب السياسي المهيكل و العقلاني و الذي يرتكز على اساسيات محدّدة . و أوضح عبد الله العبيدي في تصريح لموقع "الشاهد" ، ان التونسيّ حينما يفتقد الى دليل في الحكم يدخل "دوامات" لانه اضحى في مشهد ضبابي لا يجد فيه الريادة الحقيقية و الزعامة التي من شأنها ان تحدّد له السبل و تسطر له الطريق القويم ، قائلا : لا يستطيع المواطن البسيط خلق المنظومة لانها تستوجب حضور كلّ الأطراف، ما جعل بلادنا تتحول إلى سرك، على حدّ قوله . يشار الى ان افاق يعيش منذ أسابيع على وقع أزمة داخلية غير مسبوقة أفضت الى استقالات في صفوف ابرز قياداته وتعليق اخرين عضوياتهم من الحزب.وآخر المستقيلين من افاق رئيس مكتبه السياسي والنائب كريم الهلالي. و بحسب مصادر إعلامية يسعى رئيس الحزب ياسين ابراهيم منذ فترة إلى تعيين مقربين منه في الحزب وفي الكتلة النيابية، ما أدى إلى إثارة حالة من الغضب في أكثر من مكتب داخلي للحزب. ويتوقع متابعو الشأن السياسي أن تخرج قيادات حزبية عن صمتها تجاه هذه التصرفات خصوصاً أنها واقعة تحت ضغط قواعدها التي تدعوها إلى إنقاذ الحزب قبل فوات الأوان، قبل أشهر قليلة من الاستحقاق الانتخابي المهم، أي الانتخابات البلدية في ماي المقبل.