تواصل تونس مساعيها لتمتين علاقاتها الخارجية من اجل دعم اقتصادها ، في ظلّ المرحلة الحساسة التي تمرّ بها و أمام الأزمتين المالية و الاقتصادية اللتين تعيش على وقعهما البلاد في السنوات الأخيرة ، نتيجة تضرر مختلف القطاعات . و في هذا الإطار، تعمل تونس على تعزيز اواصر علاقتها بفرنسا ، وتعتبر تونس وباريس زيارة الدولة التي يؤدّيها إيمانوال ماكرون لتونس موعدا مهمّا للشروع في إنجاز مشاريع تعاون كبرى حدّدتها حكومتا البلدين. وقد أسفر اللقاء الذي جمع كل من رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، بقصر قرطاج مساء الأربعاء، عن توقيع 8 اتفاقيات مشتركة بين البلدين، تضمنت إعلان نوايا بين الحكومة الفرنسية والتونسية للتعاون الثنائي في مجال مكافحة الإرهاب والتطرف، وإعلان نوايا لإنشاء صندوق لدعم التنمية والمؤسسات والمبادرات الشبابية في تونس، وإنشاء جامعة تونسية فرنسية خاصة بأفريقيا والمتوسط. وشملت الاتفاقيات، كذلك، ملحقًا تكميليًا للاتفاقيات المتعلقة بتحويل ديون إلى مشاريع تنموية، ودعم مشروع إصلاح حوكمة المؤسسات العمومية. وفي خضم هذا الشأن، أكد السبسي إن زيارة امانويل ماكرون، تتضمن أكثر من رسالة، وهي تمثل انطلاقة في العلاقات التونسية الفرنسية. وثمّن السبسي، الدور الذي يقوم به الرئيس الفرنسي في بلاده للمضي قدمًا نحو دولة عصرية، مضيفًا أن زيارة ماكرون إلى تونس تمثل فرصة لتبادل الآراء وحل المشاكل الأساسية، مشيرًا إلى العلاقات التاريخية بين البلدين والصداقة التي تجمع تونسوفرنسا. بدوره، أكد الرئيس الفرنسي أن العلاقة بين تونسوفرنسا "عريقة"، مثمنًا التجربة الديمقراطية التي تمر بها تونس، ودستورها الذي يجعلها نموذجًا يحتذى به في عمليات الانتقال النموذجية، خاصة وأنه يضمن الحريات وحرية الضمير والمساواة بين الرجال والنساء. وأضاف ماكرون أنه يجب أن تنجح تونس، خاصة أن هذه المعركة هي معركة فرنسا أيضًا، مبينًا أن المسألة لا تتعلق بمساعدة فرنسالتونس، وإنما بالتعاون والتبادل المشترك، قائلًا: "إذا فشلتم فشلنا". وأشار ماكرون إلى التحديات والسياق الجيوسياسي والجوانب الأمنية، والنزاع الإقليمي والوضع في العراق وسوريا، لافتًا في هذا السياق إلى أن الإرهاب يشكل تهديدًا دائمًا للبلدين، وهو ما يبرر توقيع اتفاق ومبادلات مكثفة في المجال. وشدد الرئيس الفرنسي على دعم فرنسا لجهود الأممالمتحدة في تحقيق الاستقرار في ليبيا، لأن "في استقرار ليبيا استقرارًا لبقية المناطق"، مبينًا أن فرنسا شجعت وحثت الشعب الليبي ليقرر مستقبله، وأنها تدعم العمل الذي يقوم به المبعوث الأممي، غسان سلامة، معبرًا عن أمله في أن تحصل انتخابات في ليبيا. واعتبر ماكرون أن تونس تمر بمرحلة مهمة، ومستقبلها يتوقف على النجاح في الاستثمار والاستقرار، مبينًا أن فرنسا تحاول إيجاد القرارات الملائمة المتجسدة في الاتفاقات التي تم توقيعها، مؤكدًا دعم فرنسا للحكومة التونسية التي تمر بظروف اقتصادية صعبة تستوجب المساعدة. وقال ماكرون إن فرنسا قررت تنظيم مؤتمر لمكافحة الإرهاب في أفريل، ووقعت اتفاقًا مع تونس لتبادل المعلومات وتجفيف منابع الإرهاب، معتبرًا أن هذه الاتفاقيات ستؤدي إلى مزيد من التنسيق والمراقبة. وفي ما يتعلق بعودة المقاتلين إلى فرنسا، أوضح ماكرون أن فرنسا تحيل هؤلاء إلى المحاكم، وتسعى إلى الحصول على معلومات من شركائها لتبادل المعطيات بخصوصهم. وفي تعليقه على زيارة ماكرون الى تونس، اعتبر الديبلوماسي السابق ، عبد الله العبيدي ، إن زيارة الرئيس الفرنسي ايمانوال ماكرون، تندرج في إطار إعادة انتشار السياسات الخارجية للبلدان المحيطة بالبحر الأبيض المتوسط، سيما فيما يتعلق بالهجرة غير المنظمة، التي قال إنها ارتبطت بالإرهاب الذي عانت منه أوروبا حسب قوله. وتابع أن الأوربيون بما فيهم فرنسا يريدون المشاركة في استقاء المعلومة من مصدرها خاصة فيما يتعلق بالمسائل الأمنية والعسكرية للمحافظة على أمنهم واستقرارهم، نافيا أن تكون هذه الزيارة لها أهمية اقتصادية. ومن جهته، قال الخبير الاقتصادي، عز الدين سعيدان في تعليقه على الزيارة التي يؤديها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى تونس إن الهدف منها هو تبديد "البرود السياسي" بين البلدين، وفق تعبيره. وأضاف في تصريح اليوم ل"الجوهرة أف أم" أن هذه الزيارة على غاية من الأهمية، ومن المنتظر أن تحمل معها قرارات هامة من مساعدات مالية ومشاريع استثمارية واتفاقيات اقتصادية. وأوضح سعيدان أن الكل ينتظر الكثير من هذه الزيارة لمزيد تمتين العلاقات وتعزيز التعاون بين البلدين.