مازالت الأحزاب ذات المرجعية الدستورية تبحث عن نفسها وسط الزخم الهائل الذي تعيشه الساحة السياسية وسط التعددية الحزبية والإيديولوجية ووسط تفرّق أبناء العائلة الدستورية والتجميعة جرّاء تباين في التقييم ووجهات النظر بين قيادات هذه العائلة. ورغم فشل كل المحاولات من أجل التجمع في جبهة او حزب واحد، عادت في الفترة الأخيرة الدعوات الى توحيد العائلة الدستورية استعدادا للانتخابات البلدية غير أن هذه الرغبة من بعض الأطراف تظل دائما محاطة بالمخاوف من عدم القدرة على التوحيد لعدة أسباب. في هذا السياق، نقلت "الصباح" حسب مصادرها ان نحو 240 اطارا من كوادر التجمع الدستوري الديمقراطي المنحل وقيادات دستورية سابقة يستعدون للإعلان عن مبادرة سياسية لإعادة الخط الدستوري الى»المسارالصحيح »وذلك بعد جملة الانحرافات الحاصلة التي أسهمت بشكل مباشر في انشطار التيار الدستوري وانقسامه الى اكثر من10 احزاب ذات المرجعية الدستورية البورقيبية. وحسب ذات المصدر فان مجموعة ال 240 تتكون من القيادات الدستورية المحلية والجهوية والوطنية وتتكون من وزير واحد، 5 أمناء عامين مساعدين للحزب، 94 عضو لجنة مركزية وعضو مجلس نواب، 40 كاتب عام جامعة، 17 كاتب عام لجنة تنسيق، 37 من قيادات الطلبة والشباب، 18 رئيس بلدية، 22 من قيادات منظمات وطنية، 26 من القيادات المحلية وقد نشط جميعهم بين الفترة البورقيبية وفترة حكم التجمعالدستوري الديمقراطي المنحل. تأكيدا لذلك، أكد القيادي بحزب المبادرة محمد الصافي الجلالي في تصريح ل"الشاهد"، أن مجموعة الشخصيات المحسوبة على العائلة الدستورية قررت أن تنخرط في مشروع انقاذ وطني وأن لا تظل تتابع الاحداث من "فوق الربوة". وقال إن المجموعة الموقعة على البيان وهم أشخاص مستقلين وبعضهم منتمي لأحزاب أخرى، يسعون الى تكوين ربما تحالف أو جبهة أو تبني توجه موحّد لتوحيد "الدساترة". وأشار الجلالي الى إمكانية دخول الانتخابات بقائمات دستورية ائتلافية بين مكونات العائلة الدستورية ، مششددا على ان البيان للا يعني بالضرورة تكوين حزب، بل سيكون شكل من أشكال التنظم ولم شمل العائلة. وأشار في تعليق على إمكانية توحيد شتات "الدساترة"، أشار أستاذ العلوم السياسية إبراهيم العمري في تصريح ل"الشاهد" الى إمكانية ظهور تحالفات لقيادات منشقة من حزب التجمع سابقا، قال إنها لن ترقى الى التأثير في الساحة السياسية لأن قاعدتها الجماهيرية موزعة بين حركة نداء تونس والنهضة وجزء بالجبهة الشعبية. وأضاف أن هذه التحالفات وإن ظهرت لن تكون أقوى من الجبهة الشعبية، ولن يكون لها وزن سياسي، ولا ثقل شعبي. ورغم التضامن الانتخابي في 2014 فقد شهدت العائلة الدستورية تباعدا وفرقة كبيرة بعد ذلك خاصة مع تحالف نداء تونس مع حركة النهضة في ائتلاف رباعي ضمّ الاتحاد الوطني الحرّ وأفاق تونس وهو ما أثار ثائرة جزء من الدستوريين الذين عبّروا عن غضبهم واعتبروا ان النداء لن يكون بقدرته قيادة العائلة الدستورية وبذلك انقسمت من جديد العائلة إلى 3 أحزاب رئيسية وهم نداء تونس والذي يعتبر تحالف بين مجموعة من الدساترة واليسار إضافة إلى حزب المبادرة الذي خاض الانتخابات التشريعية والرئاسية منفردا والحركة الدستورية والتي حاولت تجميع الدستوريين كوريث شرعي للحزب الدستوري الاشتراكي او التجمع الدستوري الديمقراطي. وتتكون العائلة الدستورية من مجموعة من الأحزاب التي تعتبر نفسها سليلة حزب الدستور بصيغه المتعاقبة على مدى زمني يناهز القرن، بدءًا بالحزب الحر الدستوري وانتهاء بالتجمع الدستوري الديمقراطي، مرورًا بالحزب الدستوري الجديد والحزب الاشتراكي الدستوري. وإلى جانب نداء تونس نجد "حزب المبادرة" و"حزب الوطن" و"الحركة الدستورية" وغيرها من الأحزاب الدستورية الصغيرة التي تأسست في خضم طفرة إنشاء الأحزاب التي أعقبت الثورة (2011) وتزعمتها شخصيات سياسية من المنظومة السابقة.