أثار قرار الاتحاد الاوروبي القاضي بتصنيف تونس ضمن القائمة السوداء للدول الأكثر عرضة لمخاطر تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، جدلا واسعا وتساؤلات كثيرة حول مدى نجاعة الديبلوماسية التونسية في إيجاد التوازن المطلوب وتحسين علاقاتها الخارجية وبشكل خاص مع الاتحاد الاوروبي الذي يُعتبر الشريك الاقتصادي الأول، خاصة أنه جاء بعد أقل من ثلاثة أشهر من قرار تصنيفها ضمن قائمة الدول غير المتعاونة في المجال الضريبي. هذا واعتبرت تونس هذا القرار مجحفا ومتسرعا وأحادي الجانب، مؤكدة أنها خضعت بصفة طوعية لمتابعة مجموعة العمل المالي لمنطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا، واتفقت معها على خطة عمل، قطعت خطوات هامة في انجازها، تتضمن جملة من التعهدات تهدف إلى تطوير منظومتها التشريعية والمالية قبل موفى سنة 2018. فيما اعتبرته أطراف سياسية وخبراء اقتصاد "إخفاق سياسي ودبلوماسي بامتياز'، باعتماد الدولة فقط على الاتحاد الاوروبي، مشددين على ضرورة التوجه للسوق الأسيوية و الأمريكية. من جهته، أكد الديبلوماسي السابق أحمد ونيس في تصريح ل"الشاهد"، أن من تسبب في إدراج تونس ضمن القائمة السوداء للدول الأكثر عرضة لمخاطر تبييض الاموال وتمويل الارهاب، هم الاقلية الاوروبية الحاقدة على الهجرة وعلى الاسلام وعلى تونس ككل، لأن بعض الشباب التونسيين المتطرفين تسببوا في قتل اوروبيين في تونس وفي البلدان الاوروبية، مذكرا ببعض العمليات الارهابية التي شهدتها تونس، أو التي نفذها تونسيون. وأوضح ونيس أن تونس نجحت في جمع أغلبية عريضة في البرلمان الاوروبي ب375 صوتا كانوا ضد ادراج تونس ضمن القائمة السوداء فيما صوت فقط 283 مع التصنيف، مشيرا الى أن الاغلبية لا تكفي بل يجب أن تحصد تونس 376 صوت لصالحها غير أنها تحصلت فقط على 375. وشدد محدث "الشاهد"، على أن الديبلوماسية التونسية قامت بدورها كما يجب وضمنت تضامن الحكومات الاوروبية وأحزابها مع تونس، باستثناء قلة معادية للاسلام وترى في تونس مصدرا للارهاب. هذا واثار التصنيف الاخير جدلا واسعا في الساحة السياسية، حيث اعتبرت تونس في بيان لوزارة الخارجية، أن المسار الذي اتبعته المفوضية الأوروبية في اتخاذ هذا القرار كان مجحفا ومتسرعا في حقها، باعتبار أن المفوضية، في ظلّ غياب منظومة تقييم مالي خاصة بها، تبنت بصفة آلية تقريرا صادرا عن مجموعة العمل المالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا (MENA/GAFI)، والحال أن بلادنا التي خضعت بصفة طوعية لمتابعة هذه المجموعة كانت قد اتفقت معها على خطة عمل، قطعت خطوات هامة في انجازها، تتضمن جملة من التعهدات تهدف إلى تطوير منظومتها التشريعية والمالية قبل موفى سنة 2018. وعبّرت حركة النهضة في بلاغ لها عن استيائها "الشديد من القرار المجحف الذي اتخذته مفوضية الاتحاد الأوربي بإدراج تونس في قائمة الدول عالية المخاطر في مجال تبييض الاموال وتمويل الإرهاب"، ووصفت النهضة القرار "بالظالم" في حق تونس ولا يراعي حجم الاصلاحات والتشريعات المهمة لمقاومة الارهاب ومحاربة تبييض الاموال في تونس. كما دعا المكتب التنفيذي لحركة النهضة الحكومة بجميع هياكلها الى بذل قصارى الجهد لمعالجة هذه الوضعية كما طالب المفوضية الأوروبية باستعجال سحب تونس من هذه القائمة خاصة وأن 376 نائبا أوربيا أبدوا اعتراضهم على هذه اللائحة. من جهته، اعتبر الناطق الرسمي باسم حركة نداء تونس المنجي الحرباوي قرار البرلمان الأوروبي "قرارا جائرا وظالما ومفاجئا وفي غير محله". وأكد الحرباوي في تصريح للشارع المغاربي أن التصنيف خطير على المستوى الإقتصادي، كاشفا أن النداء سيشكل لجنة اقتصادية تضم خبراء اقتصاد منهم المختصين في الإقتصاد الدولي الى جانب خبراء في العلاقات الدولية". تفاعلا مع الجدل الذي أحدثه هذا القرار، قال سفير الاتحاد الاوروبي بتونس باتريس برغاماني الخميس 8 فيفري 2018 إن هذا التصنيف "ليس بالعقوبة أو العقوبة الجديدة"، مضيفا انه من المرجّح ان يتم سحب تونس من هذه القائمة الصائفة المقبلة.