ملفات بالجملة في قضايا الفساد المالي و الاداري تحال على القضاء الا ان البتّ فيها بقي ملتبسا كما ان المحاكمات بقيت غامضة ناهيك عن كون اغلب الملفات لم تغادر بعد مكاتب القضاء ، فهل هو تعطيل مقصود ام للسلطة القضائية مبرراتها في ذلك . ما انفكت ملفات الفساد تزدادُ يوما عن يوم اذ غرقت مكاتب القضاة والمحاكم بعدد كبير منها بالاضافة الى تلك التي لا تزال لدى الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد ،هذا الهيكل الذي تلقى آلاف الملفات منها ما هو قيد الدرس ومنها ما تمت إحالته على القضاء للنظر فيه . و تعلّل السّلطة القضائية سبب البطئ في البتّ في القضايا و خاصة الثقيلة منها بالنقص في الإطار القضائي بالقطب المالي مقارنة بالكمّ الهائل من القضايا. في المقابل ، اعتبر مراقبون أنّ هذا التبرير ليس جديا والإشكال أعمق من ذلك ، إذ أنّ هذا الوضع تواصل طيلة سبع سنوات و تشعّب على امل استفاقة الحكومات وتسلحها بالجرأة والشجاعة في تطبيق القانون على كل مخالف مهما كان منصبه أو نفوذه ولكن للأسف غاب كل ذلك ودفنت معه آلاف الملفات المتعلقة بالفساد منها ما هو في رفوف الهيئات والبقية منشور لدى القطب القضائي المالي . و بعد استجابة الحكومة لمطالب العائلة الداخلية للقضاء و توفير الامكانيات اللازمة لمباشرة القضاة مهامهم ، لم يعد هناك عذرٌ للقضاة للمماطلة أكثر في البتّ في ملفات الفساد التي بقيت حبيسة الادراج لعدم توفر الموارد البشرية و اللوجستية. وكشف عضو لجنة التحاليل المالية التابعة للبنك المركزي التونسي شكيب الاديب عن اصدار حكم واحد بالادانة في ملف فقط من جملة 580 ملف فساد أحالته اللجنة على القطب القضائي المالي منذ سنة 2011 الى حد اليوم . من جهته اشار عضو اللجنة لطفي حشيشة يوم الاربعاء 14 فيفري،وفق نقل مباشر تؤمنه منظمة "البوصلة "عبر مواقع التواصل الاجتماعي ، في جلسة استماع للشاذلي العياري (رئيس اللجنة ايضا) الى انه تم احالة منذ سنة 2011 الى اليوم ما يزيد عن 500 ملف شبهة فساد إلى القطب القضائي المالي بعد تلقي اللجنة 1500 تصريح بالشبهة. وحضر أعضاء من لجنة في جلسة استماع للشاذلي العياري في لجنة المالية والتخطيط والتنمية بمجلس نواب الشعب . وتأتي هذه الجلسة بعد أسبوع من تصنيف البرلمان الاوروبي تونس في القائمة السوداء للدول المعرضة بشدة لمخاطر تبييض الاموال وتمويل الارهاب. أمام هذه الوضعية تعالت الأصوات المطالبة باسترجاع أموال التونسيين ومحاسبة المفسدين ومكافحة غول الفساد ،صوت سمعته الحكومات المتعاقبة على تونس منذ ست سنوات ولكن كل شيء بقي مجرد كلمات خطّت على ورق لطمأنة الشعب وامتصاص غضبه والنتيجة تراكم ملفات الفساد لدى القضاء وتفاقم حجم الفساد ما بعد الثورة. وتجاوزت قضايا الإرهاب المعروضة على أنظار القضاء 1400 قضية حسب مصادر إعلامية متطابقة، وهو ما تعتمده وزارة العدل كحجة لتبرير بطء سير المحاكمات حيث لم يتم النظر منذ أربع سنوات سوى في 300 قضية أحيلت على جهات قضائية متخصصة للحكم فيها. ويقبع آلاف المتهمين في قضايا إرهابية في سجون الإيقاف دون صدور أحكام نهائية في حقهم وهو ما يمثل خطرا على بقية السجناء (سجناء الحق العام) وسهولة نشر أفكارهم والترويج لمشروعهم الجهادي، في ظل غياب تام لبرامج إعادة التأهيل والإدماج. وأفاد بعض المراقبين بأن القضاء يسعى إلى إنهاء النظر في جميع ملفات الإرهاب العالقة، مؤكدين أن الجهاز الأمني يحيل على المحاكم ملفات تنقصها الكثير من المعطيات الضرورية مثل مكونات الإدانة. في حين يعتبر آخرون أن الملفات المقدمة من قبل وزارة الداخلية تستوفي جميع المعطيات والشروط القانونية محمّلين المسؤولية للقضاء الذي قام في العديد من المناسبات بحفظ التهم المتعلقة بالإرهاب وعدم سماع الدعاوى.