على أهميته، شهد المسار الانتخابي في تونس تعثرا واضحا على أكثر من مستوى، تسببت فيه بصورة كبيرة خلافات الاحزاب المكونة للمشهد السياسي، و عقّدت رهان إجراء الانتخابات البلدية في موعدها الذي تأجل للمرة الخامسة على التوالي، في ظل تخوفات من تأجيلها مرة أخرى، رغم تطمينات رئيس الحكومة يوسف الشاهد. فالشاهد شدد على ان الاستحقاق البلدي سيُجرى في موعده وستسخر الحكومة جميع الإمكانيات لإنجاحه و ذلك خلال زيارة أداها الاربعاء 14 فيفري 2018، إلى المقر الفرعي للهيئة العليا المستقلة للانتخابات تونس 1 . من جهته، أفاد رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات محمد التليلي المنصري أنّ كامل الادارات الفرعية لهيئة الانتخابات وعددها 27 إدارة جاهزة لعملية قبول الترشحات التي تنطلق الخميس 15 فيفري 2018. كما اضاف محمّد التّليلي المنصري أنّ هناك بعض الإشكاليّات التي تمّ تبليغها إلى رئيس الحكومة يوسف الشّاهد على غرار الإسراع بتسوية وضعيّة الأعوان العموميّين المتعاملين مع الهيئة إضافة إلى تفعيل بعض الإتفاقيّات الممضاة مع عدد من الوزارات على غرار الإتفاقيّة الخاصّة بمراكز التّكوين المستمرّ. تطمينات عقبت تصريحات التليلي السابقة حول إمكانية إجراء انتخابات جزئية، على ان تتقرر بعد تاريخ غلق باب الترشحات، في حال تم تغييب قائمات في عدد من الدوائر الانتخابية. كما حذر عدد من خبراء الشأن المحلي أن إجراء الانتخابات البلدية في يوم واحد يثقل كاهل هيئة الانتخابات في إدارة العملية الانتخابية واسعة النطاق. وتتلخص مجمل هذه الصعوبات في عملية تشكيل القائمات، ويعود ذلك أساسا الى مجمل الشروط القانونية التي وضعها المشرع الموضوعة والتي تفترض تمثيليات محددة وترتيبا معينا يراعي مبدأ التناصف العمودي والأفقي وتناوبه داخل القائمات مع تضمنها أحدا من ذوي الاحتياجات الخصوصية فضلا عن فرض تقديم شهادة إبراء الذمة من الأداءات البلدية و طفرة في إسناد مقاعد البلديات. من جهة أخرى، مازال بطؤ نسق النظر في مجلة الجماعات المحلية يلقي بظلاله على الاستحقاق الانتخابي، خاصة أن مجلس نواب الشعب تعهد سابقا بأن تتم المصادقة على المجلة قبل حلول موعد الانتخابات البلدية، الذي لم يعد يفصلنا عنه الا بضعة أسابيع. و تسود مخاوف كبيرة من عدم التمكن من استكمال مناقشة مجلة الجماعات المحلية بسبب وجود العديد من النقاط الخلافية ناهيك عن وجود الكثير من الفصول الجدلية . وفي تصريحه ل"الشاهد"، أكد رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات محمد التليلي منصري، أن العملية الانتخابية انطلقت فعليا، ولم يعد هناك مجالا للحديث عن إمكانية تأجيلها لأي سبب من الأسباب وإن كان جديا. وأضاف المنصري أنه تم في أول يوم لفتح باب الترشحات الخميس 15 فيفري 2017، قبول 210 مطلب ترشح، مشيرا الى أن "كل يد خذات اختها، ولم يعد ممكنا الحديث عن تأجيل جديد. ولفت رئيس الهيئة الى أن كل مقومات استكمال العملية الانتخابية جاهزة، من جوانب تشريعية ومادية ورصيد بشري. هذا وأعلن حزب الاتحاد الوطني الحر عن مقاطعة الانتخابات البلدية بسبب ما اعتبرته رئيسة الحزب سميرة الشواشي عدم مصادقة مجلس نواب الشعب على قانون الجماعات المحلية إضافة إلى ضعف موارد البلديات، الذي يستحيل معه تقديم برامج مجدية وناجعة، أو توفير آليات ناجعة للنهوض بواقع البلديات» على حد تعبيرها. بالتزامن تشهد الساحة السياسية، ارتفاعا ملحوظا في منسوب العنف والكراهية والتحريض في خطابات القادة السياسيين المتنافسين على الانتخابات المحلية، وتخيم هذه الخطابات على أجواء المشهد السياسي في تونس رغم الدعوات إلى التصدي الظاهرة، ويعد عدم قبول الرأي المخالف وغياب روح المنافسة النزيهة والديمقراطية اهم العوامل التي تقف وراء ذلك بحسب مواقف المحللين للشأن السياسي. في سياق متصل، هدد الإتحاد الوطني لنقابات قوات الأمن التونسي بمقاطعة الأمنيين الإنتخابات البلدية المنتظر تنظيمها يوم 29 أفريل المقبل في صورة عدم توصل الهيئة العليا المستقلة للإنتخابات إلى معالجة الإخلالات الواردة بالرزنامة. وحمّل اتحاد النقابات في بيان صادر عنه الاربعاء 14 فيفري 2018، هيئة الإنتخابات المسؤولية القانونية باقرارها الصمت الإنتخابي يوم 4 ماي 2018 في حين أن الأمنيين يقومون بواجبهم الإنتخابي قبل ذلك معتبرا أن في ذلك "خرقا واضحا للقانون وشفافية العملية الإنتخابية ومن شأنه احداث تشويش على عملية انتخاب الأمنيين"