تعدّ الانتخابات البلدية أهم حدث منتظر في تونس العام المقبل، باعتبارها خطوة مهمة وأخيرة في طريق الانتقال الديمقراطي ،وتُحاول العديد من الأحزاب التونسية أن تتحرك في اتجاه الاستعداد للانتخابات البلدية االتي تُعوّل عليها في إطار تموقعها المحلي الذي يخوّل لها المشاركة في عديد الأنشطة والمشاريع التي يتم إنجازها. و أخذ الاستعداد في تونس وجوهًا عديدة من بينها استقطاب بعض الفنانين إلى أحزاب سياسية ، إذ لا يمرّ أسبوع دون أن يتمّ الإعلان عن انضمام ممثل او فنان لحزب معيّن . و بين مدافع عن حقّ الفنان في الانتماء السياسي و بين رافض لذلك اختلفا الآراء، إذ نجد البعض يدافع عن حق الفنان في انتماء لحزب سياسي والدفاع عن مبادئه، معللين ذلك بكون الفنان مواطن بالدرجة الأولى، ومن حقه أن يخدم مبادئه السياسية، ويساند بشكل واضح ومباشر قضايا سياسية معينة، لكن البعض الآخر يؤمن بأن الفنان لا يمكن أن ينتمي لحزب سياسي، لأن هذا الأخير يخدم فقط مصالحه السياسية، مبررين رأيهم بأن الفن "الحقيقي" يجب أن يبقى بمعزل عن أي ارتباط صريح بالسياسة، خشية أن يدفعه ذلك الارتباط للتنازل عن نزاهته الفنية. وقال خميّس الخياطي، مُثقف وناقد سينمائي، في تصريح "للعرب" أعتقد أنه ليس من حق المثقّف أو الفنان التنظّم في أي حزب سياسي مهما كانت مرجعيته، لكن من حقّه تبني الأيديولوجيا التي يريد". وأضاف الخيّاطي "أعتقد أن هرولة الأحزاب للتبجّح بضمّ بعض الوجوه الثقافية إليها تدخل في خانة محاولات توظيفها سياسيا واستغلال رصيدها الشعبي وليست نابعة من اعتقادها الراسخ في الأدوار التي يمكن أن يلعبها المثقف أو المفكر أو المبدع في الارتقاء بالذوق العام أو المساهمة في تنوير العقول". و تمكّن حزب نداء تونس من إلحاق كل من وزير الثقافة محمد زين العابدين والفنانين مقداد السهيلي (رئيس نقابة الفنانين في تونس) و المطرب فيصل الرياحي . من جانبه أعلن حزب التيار الديمقراطي، عن التحاق الفنان المسرحي والمطرب منير الطرودي بهياكله، كما أكّدت من قبله أحزاب أخرى على غرار حركة مشروع تونس ضمّ بعض الوجوه الفنية ومنها مفكرون ورسامون ورياضيون. وقال الباحث والمفكّر التونسي يوسف الصديق، في تصريح "للعرب" ،أنه يعارض فكرة أن يكون المثقف أو المفكّر منتميا إلى أي حزب سياسي مهما كانت مرجعيته لأن ذلك سيجعله وجوبا حبيس الأيديولوجيا الحزبية الضيقة التي تحرمه من حرية التفكير أو الإدلاء بمواقفه. وتساءل الصدّيق عن هوامش الحرية التي يتمتع بها المبدع عندما يكون متحزّبا، مشيرا إلى أن الانضباط الحزبي سيكبله بجملة من الأغلال التي ستحصره في زاوية ضيّقة تحرمه من التفكير بكل حرية، حسب قوله. وشدّد يوسف الصديق على أن الثقافة والسياسة تتكاملان في الكثير من المجالات، موضحا أنه لا يرفض دعوات بعض الأحزاب لمناقشة بعض المواضيع والمسائل الفكرية الشائكة لكن بحذر شديد وتأن كبير قبل قبول الدعوة وذلك بعد تمحّص فحواها ومضامينها، وفق قوله.