يعد الإتجار بالبشر من أبشع و أشنع الجرائم التي من شأنها التعدّي على الذات الإنسانية و انتهاكها ، و لئن تعددت المنظمات و المؤسسات المناهضة لكل أصناف انتهاك الذات البشرية و الاتجار بها، فإن هذه الظاهرة لا تزال متواجدة في شتى الدول ، خاصة منها بلدان العالم الثالث .. و قد كثر الشد و الجذب في الفترات الأخيرة عن مسألة الاتجار بالبشر في تونس و مدى تفشي هذه الظاهرة بها رغم تقدمها في مجال الحقوق و الحريات و تعدّد المنظمات الناشطة صلبها و المهتمة بحقوق الانسان . و في خضم هذا الشأن، أفادت رئيسة الهيئة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر بأن الهيئة رصدت في 2017 حوالي 700 حالة اتجار بالأشخاص، من بينهم حوالي 10 في المئة تتعلق بجرائم استغلال جنسي فيما شملت بقية الرقم جرائم استغلال اقتصادية. و أوضحت أنه ، في جرائم الاستغلال الجنسي، يتم إجبار الضحايا على الاشتغال في شبكات الدعارة، كما يتم إرسال فتيات إلى الخارج خاصة إلى دول عربية بعقود تنص على العمل في مجال الحلاقة أو التنظيف وغيرها ليتم في مرحلة لاحقة احتجازهن عبر مصادرة جوازات سفرهن قبل إرغامهن على ممارسة الجنس كما رصدت الهيئة حالات استغلال اقتصادي لأجانب، خاصة منهم مواطني ساحل العاج، ونعمل على إجراء محادثات مع الجانب الإيفواري لفهم هذه الظاهرة. يذكر أن إسم تونس كان قد ورد ضمن قائمة الدول التي تنتشر بها هذه الظاهرة ، في التقرير السنوي عن الاتجار بالبشر الذي أصدرت وزارة الخارجية الأميركية نسخته لعام 2017 . بحسب أرقام صادرة عن وزارة الداخلية فإنّه هناك اشكال مختلفة للاستغلال أو الاتجار بالبشر في تونس وأهمها استغلال النساء جنسيا أو ما يسمى "الاستغلال في البغاء"، وقد تم رصد 500 حالة استغلال جنسي سنة 2015 نسبة 1 بالمئة منهم ضحاياها من الأطفال، و105 وسطاء في هذا النوع من الاستغلال نسبة 52.6 بالمئة منهم من الذكور. هذا إلى جانب الاستغلال عن طريق شركات التوظيف بالخارج التي تقوم بإبرام عقود وهمية يتم فيها التغرير بالضحايا عبر إيهامهم بالعمل كمضيفات أو فنانات لينتهي بهن المطاف للعمل مرغمات في الملاهي الليلية. جدير بالذكر ان مجلس النواب كان قد صادق في جويلية من سنة 2016 على قانون جديد يكافح الإتجار بالبشر، وهو ما اعتبر نقلة نوعية ، وفق المنظمة الدولية للهجرة.