أضحت حادثة الاعتداء على أطفال في أحد المراكز المتخصصة بعلاج التوحد في ليلة وضحاها قضية رأي عام في تونس، سيّما وقد طوّقها شد وجذب وتساؤلات حول مساعي بعض الأطراف السياسية و بعض وسائل الإعلام الى تبييض صورة المركز على غرار عضو البرلمان المثيرة للجدل مباركة البراهمي. وقد ضجت منصات التواصل الاجتماعي بالحديث عن هذه الحادثة ، لما يشوبها من حساسية ، و استنكر رواد مواقع التواصل الاجتماعي مواقف بعض السياسيين التي وقفت الى صف صاحبة المركز والمطالبة بإطلاق سراحها والحال هو أنه لو كانت مدارس قرانية قامت بهذا الفعل لكانت هذه الأطراف والوسائل الاعلامية سبّاقة الى التنديد ب"التعدي على حقوق الطفل". وكانت عضو مجلس نواب الشعب مباركة البراهمي اعتبرت برلمانية أن مديرة المركز تتعرض ل»مؤامرة» من قبل بعض الأطراف المنافسة. و اعتبرت البراهمي أن المديرة هالة الشنوفي تتعرض لمؤامرة من قبل المراكز المنافسة، ودونت على صفحتها في موقع «فيسبوك»: «لا أحد يجد تبريرا لهذا الفعل إطلاقا، في حقّ هذا الطفل او في حقّ غيره. خاصة امهات وآباء أطفال التوحّد الذين يتألّمون في اليوم ألف مرّة. لكن الخطير هو ان يتحوّل هذا الحادث الى معركة شخصيّة ضدّ السّيّدة هالة الشّنّوفي في إطار منافسة رخيصة. الغريب هو دعوة بعض الاصوات التي لا علاقة لها بأولياء هؤلاء الاطفال إلى إغلاق المركز. هل نحاسب من اذنب ام نغلق مركزا كانت صاحبته من المتخصّصين المبدعين الذين حوّلوا حياة هؤلاء الاطفال من التوحّد والعدم الى المشاركة والفعل والإبداع أيضا». وأشارت إلى أنها تدافع عن الشنوفي نتيجة تجربة شخصية معها في المركز، مشيرة إلى أن الشنوفي عالجت ابنتها التي تعاني التوحد، مشيرة إلى أن ابنتها منتهى «خرجت من حالة التوحّد الذي تعمّق بعد صدمة اغتيال والدها محمد البراهمي الى منتهى التي تكتب وترسم وتغني وتحفظ القرآن. لذلك فإنّ للسيّدة هالة الشنّوفي دين في رقبتي الى يوم الدّين. المركز لأطفالنا قبل ان يكون لها. فحرّكوا معارككم التنافسية الرخيصة بعيدا عن أبنائنا وعن مدارسهم». كما تحدث خالد الكريشي عضو هيئة الحقيقة والكرامة عن تجربته «الجيدة» مع المركز المذكور، حيث كتب على موقع «فيسبوك»: «بما اني والد الطفل محمد عبد الناصر كريشي احد اطفال المركز المذكور فانه يهمني توضيح ما يلي: حين ادخلت ابني للمركز في اكتوبر 2013 كان يبلغ من العمر اربع سنوات وكان لا يتكلم ولا يسمع. (...) واخيرا تحصّل على معدل 16. 70 بالسنة الدراسية 2017/2018 واصبحنا نعاني من كثرة كلامه المتواصل وثرثرته الجميلة (...) ولم الاحظ عليه تعرضه لاي مظهر من مظاهر العنف او المعاملة القاسية». وأضاف «ان ما وقع من انتهاكات وعنف في حق بعض اطفال المركز كما وثقه الفيديو مرفوض ومدان ولا يمكن تبريره باي شكل من الاشكال، والقضاء هو الجهة الوحيدة المخولة لتحديد المسؤوليات وتسليط ما يراه صالحا من عقوبات طبقا للقانون بعيدا عن تاثيرات الشارع والغوغاء. لا مجال لتسليط اي عقوبة جماعية بحق المركز بالغلق الذي سيكون ضحيته هؤلاء،الاطفال، فالفعلة شخصية والعقوبة شخصية (ولا تزر وازرة وزر أخرى). لا للعقوبة الجماعية. نعم لتطبيق القانون». وكان عشرات النشطاء تناقلوا فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي يتضمن مشاهد صدامة لمعلمات يعنفن أطفال مصابون بالتوحد في مركز خاص لعلاجهم يقع في ولاية «أريانة» وهو من أثار صدمة في صفوف التونسيين ودعا الآلاف لمطالبة السلطات بإغلاق المركز فورا ومحاسبة أصحابه وجميع العاملين فيه. ولمم تتوان الحكومة في الإسراع الى التدخل، حيث تم اصدار إذن قضائي من قبل قاضي الأسرة لإخضاع جميع الأطفال في المركز إلى الرقابة الطبية والنفسية من قبل أخصائيين من وزارتي الشؤون الاجتماعية والتربية، كما بدأت وزارة العدل بالتحقيق في الحادثة. وأصدرت وزارة الداخلية بيانا أكدت فيه إيقاف صاحبة المركز ومعلمتين تعملان فيه، حيث اعترفت الموقوفات بصحة ما ورد في شريط الفيديو، على أن تتم مباشرة قضية عدلية ضدهم بتهمة «التعذيب وسوء معاملة القصر والإعتداء بالعنف على الطفولة»، فيما أشارت وزارة المرأة والطفولة إلى احتمال إغلاق المركز بشكل مؤقت أو نهائي. وقالت صاحبة الفيديو المسرب وتدعى «عائشة» وهي إحدى المعلمات داخل المركز، إن الفيديو رغم بشاعته لا يصف حقيقة ما يتعرض له الأطفال داخل المركز من سوء للمعاملة والتعذيب الشديد، وأشارت إلى أنه أشبه ب«غوانتانامو» خاص بالأطفال، لافتتة إلى أنها قدمت شهادتها حول الموضوع للنيابة العمومية. وفي تعليقه على الحادثة ككل، دون الباحث سامي براهم على صفحته في موقع «ما يقوم به منشّط برنامج 75 دقيقة (شاكر بالشيخ على الوطنيّة الأولى لا يقلّ خطورة عن جريمة تعذيب الأطفال المصابين بالتوحّد: تبرير الجريمة والتغطية عليها وتبرئة مديرة المركز والتشكيك في خلفيات الشّريط وملابساته مشاركة في ارتكاب الجريمة»، وأضاف في تدوينة أخرى «مازلت تحت هول الصّدمة والألم والحزن والغصب ممّا تعرّض له هؤلاء الأطفال الأبرياء الذين يحتاجون رعاية خاصّة تخرجهم من حالة التوحّد التي يعانون منها، هذه الحالات تحتاج مراكز رعاية تحت اشراف الدولة ورقابتها المباشرة لاجتناب هذه الانتهاكات الخطيرة، وعلى الاولياء القيام بدورهم في المراقبة والمتابعة». وكانت وزارة الشؤون الاجتماعية أكدت أن المركز المذكور يعمل من دون ترخيص قانوني، وهو ما أثار جدلا آخر حول السماح له بالعمل لعدة سنوات من دون ترخيص وبالتالي من دون أي رقابة من قبل الوزارة