أعاد الجدل الذي رافق انتفاع اسناد منحة السكن الى غير مستحقيه و عدم استفادة الفقراء بالدعم الى الواجهة معضلة إصلاح منظومة الدعم ككلّ و خاصة دعم المواد الأساسية التي باتت في حاجة إلى الإصلاح و المراجعة بعد التأكد من الاخلالات التي يشوب تطبيقها و ابتعداها كليا عن أهدافها بما أنّ 25 بالمائة من مجموع نفقات الدعم في المواد الاساسية تخصص لغير مستحقيها. و بدأ الحديث بشكل جديّ عن حتمية إصلاح منظومة دعم المواد الأساسية منذ سنة 2014 عبر التسويق لحل "توجيه الدعم مباشرة لمستحقيه، لكن بقيت المقولة شعار ترفعه الحكومات المتعاقبة دون ان تطبقه على أرض الواقع . و دعت منظمة الدفاع عن المستهلك الحكومة إلى مراجعة منظومة دعم المواد الأساسية بما يمكن الفئات الهشة من الانتفاع بها بعد أن تدهورت المقدرة الشرائية للمواطن التونسي، فيما أظهرت دراسة أن العائلات الميسورة تنتفع بالدعم أكثر من العائلات الفقيرة. وشدد سليم سعدالله رئيس منظمة الدفاع عن المستهلك على "التعجيل بوضع خيارات واضحة في إصلاح منظومة الدعم وتوجيهها إلى مستحقيها دون غيرهم بما يحد من هدر موازنة الدولة في غير ما رصدت له نتيجة دخول أطراف على خط الاستفادة". وأكد على ضرورة التوصل إلى حلول عاجلة تكفل توجيه الدعم إلى مستحقيه من العائلات الفقيرة ومتوسطة الدخل. و كشف الوزير المكلف بمتابعة الاصلاحات الكبرى، توفيق الراجحي، عن أن نسبة تقدر ب 25 بالمائة من مجموع نفقات الدعم في المواد الأساسية تخصص لغير مستحقيها، وذلك خلال جلسة استماع عقدتها يوم الأربعاء، لجنة الصحة والشؤون الاجتماعية بمجلس نواب الشعب. وقال الراجحي، إن النزل والمقاهي تستهلك نسبة هامة من نفقات الدعم المخصص للمواد الأساسية، مقابل استهلاك طبقة الأغنياء لنسبة تقدر ب 20 بالمائة من نفقات دعم المحروقات، وفق ما أظهرته دراسات أجراها البنك الدولي. وتضاعف قيمة دعم المواد الاساسية بقرابة مرتين ونصف منذ سنة 2010 إلى سنة2017 حيث ارتفعت قيمة دعم المواد الأساسية من 730 مليون دينار إلى 1605 مليون دينار قبل أن يتم تحيين المبلغ المرصود في قانون المالية التكميلي إلى 1500 مليون دينار. و في أحدث دراسة أنجزها المعهد الوطني للإحصاء ، فإن الطبقة الفقيرة تتمتع فقط ب 9.2 بالمئة من الدعم، فيما تحظى الطبقة الوسطى ب 60.5 بالمئة والميسورون ب 7.5 بالمائة كما ترجع سياسة دعم المواد الأساسية في تونس إلى أربعينيات القرن الماضي. وتدعم تونس عدة منتجات وسلع، منها الخبز والفارينة والعجين الغذائي والسكر والزيت النباتي، والمحروقات، وبعض أنواع من العلف الحيواني. وتعتبر العائلات التونسية الفقيرة أن صندوق الدعم الذي تم إنشاؤه لمواجهة غلاء أسعار المواد الأساسية بما فيها المواد الغذائية تم تحويل وجهته لتستفيد منه العائلات الثرية والتجار ورجال الأعمال الذين يديرون الفنادق السياحية والمطاعم الفاخرة. وتقول الحكومة إنها تخطط بشكل تدريجي وعلى المدى المتوسط باتجاه إقرار الأسعار الحقيقة في بعض المواد المدعومة واعتماد المعرف الجبائي الوحيد (رسوم ضريبية) الذي من شأنه أن يمكن من مباشرة سياسة توجيه الدعم إلى مستحقيه ليحل محل دعم الأسعار. وعن مسارات الإصلاح الدعم في تونس، رأت فضيلة الرابحي أن "أهم إصلاح هو الانتهاء من إعداد المعرف الاجتماعي الوحيد (آلية لحصر العائلات والأشخاص المعنيين بالحصول على الدعم). وتعكف رئاسة الحكومة التونسية مع وزارة الشؤون الاجتماعية، على الانتهاء من المعرف الاجتماعي في صيف 2018، بما يمكن من تعويض نظام الأسعار بنظام دعم الدخل الفردي. وتنتهج الحكومة سنويا سياسة الزيادة في أسعار المواد المدعومة بالتوازي مع الزيادات في أجور العمال والأجراء للتخفيف من الضغط المسلط على الموازنة. وتطالب منظمة الدفاع عن المستهلك بعدم الاستجابة لإملاءات صندوق النقد الدولي والإبقاء من حيث المبدأ على صندوق الدعم غير أنها تقدم بعض الاقتراحات. وتقول المنظمة إنه بإمكان الحكومة أن تتخذ إجراءات عاجلة لتوجيه الدعم لمستحقيه من خلال رصد مبلغ شهري يصرف عبر الصناديق الاجتماعية بناء على قائمة تشمل الفئات التي تستحق التمتع بالدعم.