يبدو أن الإرهاق الشديد الذي أصاب صندوق الدعم سيجبر الحكومة على اتخاذ جملة من الاجراءات لاصلاح سياسة الدعم خلال العام القادم، حيث لا يستبعد على ضوء ما جاء في مشروع قانون المالية وبعض تصريحات وزير المالية بالنيابة سليم بسباس أن يقع البحث عن الآليات الكفيلة بترشيد مسالك الدعم والتقليص قدر الإمكان من ضياع هذه المواد مع الحرص على تحويل وجهة الدعم من الصناعي والتاجر إلى المستهلك خاصة بالنسبة إلى المواد الأساسية. نفقات الدعم التي مرت من 1500 مليون دينار في 2010 إلى 2800 مليون دينار في سنة 2011 لترتفع إلى 3200 مليون دينار في 2012، والتي من المرجح أن تبلغ 4200 مليون دينار خلال العام القادم ستفرض حتما إعادة النظر ولو نسبيا في سياسة الدعم وهو ما يفسر تضمن مشروع قانون المالية للعديد من الإجراءات في هذا الاتجاه عبر توجيه الدعم نحو مستحقيه من الفئات الاجتماعية الضعيفة بتوظيف جباية في حدود 1 بالمائة على رقم معاملات الملاهي الليلية والمقاهي والمطاعم ومحلات بيع المرطبات باعتبارها من مستهلكي المواد المدعمة على غرار السكر والشاي والقهوة ، مع اقتراح توظيف أتاوة على دخول السيارات إلى تونس ب 50 دينارا ستنسحب على التونسيين المقيمين بالخارج و الأجانب وذلك في شكل معلوم على الطرقات واستعمال للمحروقات المدعمة من قبل الدولة إلى جانب مراجعة نسب المعلوم على الاستهلاك المستوجب على المشروبات الكحولية و توظيف أتاوة بدينارين على كل مقيم بالنزل التونسية يتجاوز سنه 12 سنة عن كل ليلة مقضاة. ومن المنتظر أن تبلغ العائدات المالية التي سيتم تعبئتها عبر الأحكام الجبائية و أتوات الدعم نحو 315 مليون دينار ستُخصص منها قرابة 125 مليون دينار لتوفير موارد إضافية لتغطية الدعم لفائدة الصندوق العام للتعويض. غير أنه لا يستبعد في صورة تجاوز ميزانية الدعم مستوى ال 4200 مليون دينار ، وهو الحد الأقصى الذي يمكن أن تستحمله التوازنات المالية للدولة اللجوء إلى تعديل أسعار بعض المواد الاستهلاكية الأساسية والمحروقات ،باعتبار أن الحكومة المؤقتة التزمت بعدم تجاوز هذا السقف وأن أسعار المواد الأساسية لم تعرف تعديلا منذ سنة 2010 ليرتفع دعمها من 500 مليون دينار إلى 1100 مليون دينار في 2011 ثم إلى 1242 مليون دينار خلال العام الجاري. وتتمثل أهم توجهات إصلاح منظومة الدعم التي سيتم التركيز عليها في الفترة القادمة لكبح جماح الأسعار قدر الإمكان في استهداف الفئات المعنية وترشيد مسالك توزيع مواد الدعم من خلال مقاومة التهريب إلى جانب عدم تمتيع المؤسسات الصناعية والسياحية بالمواد المدعمة عبر تفعيل الإجراءات والقوانين التي تحجر انتفاع هذين القطاعين بالمواد المدعمة مثل السكر والقمح والخبز والعجين الغذائي والزيت والسكر والشاي. ويشار إلى أن مراجعة سياسة الدعم انطلقت منذ جانفي 2008 بإصلاح منظومة المخابز مع المحافظة على تلازم البعدين الاقتصادي والاجتماعي وحصر نفقات الدعم في مستوى 1 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي بتوجيهه نحو مستحقيه دون سواهم لتشمل في مرحلة لاحقة العديد من المواد الأخرى وخاصة منها الزيت