بالرغم من تمكّن تونس من إحراز خطوات متقدمة في مجال مكافحة الفساد إلاّ أنّها بقيت تعاني من إشكال في تفعيل القوانين التي سنها مجلس نواب الشعب في هذا المجال مثل ( قانون حماية المبلغين عن الفساد او قانون حق النفاذ إلى المعلومة) كما يلاحظ مراقبون أن القضاء كذلك يتحمل المسؤولية فهناك عدد كبير من القضايا المنشورة التي لم يحسم فيها القضاء بشكل نهائي بعد. و يتهم القضاء ببطء الفصل في قضايا الفساد المالي والإداري المحالة عليه سواء من قبل لجنة تقصي الحقائق حول الرشوة والفساد التي أنشئت منذ 2011 بقيادة المرحوم عبد الفتاح عمر أو من قبل الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد الموجودة حاليا برئاسة شوقي الطبيب ،علما وان هذا الأخير قد صرّح في وقت سابق بأن الهيئة أحالت 180 ملف فساد على القضاء ولكن عدد الملفات التي تم البت فيها لم يتجاوز الخمس قضايا . و يرى محمد شريف القاضي، عضو الهيئة التنفيذية لمنظمة "أنا يقظ" ، ان القضاء التونسي يتحمل في تعثر تونس في مجال مكافحة الفساد، بسبب الإجراءات البيروقراطية التي يتبعها، فهناك على حد قوله، عدد كبير من القضايا المنشورة التي لم يحسم فيها القضاء بشكل نهائي بعد. وأضاف نفس المصدر في حوار أجراه مع "أصوات مغاربيّة" ، "هناك تهاون من قبل القضاء في مكافحة الفساد، إذ لا يمكن أن نلقي بكل شيء على ضعف الإمكانيات المالية أو ضعف التكوين لدى القضاة." لافتا إلى أنّ التقدم الذي أحرزته تونس في هذا المؤشر يعدّ محتشما، إذ كان بالإمكان تحقيق نتائج أفضل. و تعلّل السّلطة القضائية سبب البطئ في البتّ في القضايا و خاصة الثقيلة منها بالنقص في الإطار القضائي بالقطب المالي مقارنة بالكمّ الهائل من القضايا. في المقابل ، اعتبر مراقبون أنّ هذا التبرير ليس جديا والإشكال أعمق من ذلك ، إذ أنّ هذا الوضع تواصل طيلة سبع سنوات و تشعّب على امل استفاقة الحكومات وتسلحها بالجرأة والشجاعة في تطبيق القانون على كل مخالف مهما كان منصبه أو نفوذه ولكن للأسف غاب كل ذلك ودفنت معه آلاف الملفات المتعلقة بالفساد منها ما هو في رفوف الهيئات والبقية منشور لدى القطب القضائي المالي . و كشف تقرير صادر عن منظمة الشفافية العالمية لسنة2017 ،تحسن أداء تونس في مجال الشفافية ومكافحة الفساد بشكل طفيف، حيث تقدمت بمركز واحد خلال عام 2017 لتحل في المرتبة 74من بين 180 دولة. إشكال ثاني لفت إليه العضو بمنظمة "أنا بقظ" شريف القاضي ، متعلق بمدى تفعيل القوانين التي سنّها مجلس نواب الشعب، فقانون حماية المبلغين عن الفساد لم يبدأ تفعيله بعد، والسبب في ذلك عدم إصدار الحكومة للأوامر الترتيبية لبدء العمل به بعد مصادقة البرلمان على فصوله. و أشار الى وجود إشكاليات تتعلق بتفعيل قانون الحق في النفاذ إلى المعلومة، كما ننتظر موافقة البرلمان على قانون التصريح بالمكاسب ومكافحة الإثراء غير المشروع ومنع تضارب المصالح (قانون من أين لك هذا؟). و قدّر الناشط شريف القاضي أنّ قانون التصريح بالمكاسبة على غاية من الأهمية، وتأخذه منظمة الشفافية الدولية بعين الاعتبار، وستساهم المصادقة عليه في تحسين موقع تونس على مؤشر مكافحة الفساد.