قذفت أمواج الثورة بالمنظومة القديمة الى النسيان لكن حلم الحكم والعودة من جديد الى المشهد السياسي ظل راسخا في نفوس تلك الكوادر والشخصيات السامية المحسوبة على نظام الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، ولم تستوعب ان عودتها للحياة السياسية اشبه باعادة الاموات للحياة من جديد، وبرغم كل ذلك تحاول الماكينة القديمة ان تلعب على رمزية بورقيبة واستغلال خطاب الفوضى لاعادة تشكلها من جديد. وترتكز الشخصيات المحسوبة في تصريحاتها الاعلامية على العويل على نظام المخلوع بل وتذهب الى ضرورة محاسبة النخب السياسية التي قادت الثورة بوصفهم يعتبرونها خطأ سياسيا نتجت عنه الازمة الاقتصادية والاجتماعية التي تعيشها تونس . وندد بعضهم بقرار الهيئة العليا المستقلة للانتخابات بمنعهم من الترشح لعضوية مكاتب الاقتراع حسب ما نص عليه الدستور، في بيان ذكّرت فيه بالبند الذي يمنعهم من الترشح لعضوية مكاتب الاقتراع للانتخابات البلدية بمقتضى الفصل 2 من قرار الهيئة العليا المستقلة للانتخابات عدد 19 لسنة 2014 والمؤرخ في 5 أوت 2014 والمتعلق بضبط شروط وصيغ تعيين أعضاء مكتب الاقتراع وطرق تعويضهم كما تم تنقيحه واتمامه بالقرار عدد 3 لسنة 2018 المؤرخ في 9 جانفي 2018. وبحسب هذا الفصل لا يجوز لأي مترشح لعضوية مكاتب الاقتراع أن يكون قد تحمل احدى المسؤوليات في حزب التجمع الدستوري الديمقراطي المنحل كرئيس أو عضو بالديوان السياسي عضو باللجنة المركزية، المسؤولية السياسية بالإدارة المركزية: أمين قار أو أمين مساعد أو مدير ديوان أو امين عام للاتحاد التونسي لمنظمات الشباب أو مدير مركز الدراسات والتكوين أو رئيس دائرة أو عضو المكتب الوطني لطلبة التجمع الدستوري الديمقراطي أو عضو لجنة تنسيق أو عضو جامعة ترابية أو مهنية أو رئيس شعبة مهنية أو ترابية. هذا البيان الذي تضمن مجرّد تذكير بالقانون، أثار ردود فعل حادة من قبل بقايا التجمع، أو باقي الأحزاب التي بُنيت على أنقاذه، وكان القيادي بحزب افاق تونس كريم الهلالي أول المعلقين على القرار فوصف القرار بغير القانوني وغير الاخلاقي. وكتب على صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي الفايسبوك "أن إقصاء شريحة من التونسيين والتونسيات من شرف المشاركة في مراقبة الانتخابات البلدية القادمة بدعوى أنها تحملت مسؤوليات في الحزب الحاكم قبل الثورة غير قانوني وغير أخلاقي بالمرة . من جهته، اعتبر رئيس حزب مشروع تونس محسن مرزوق أن هذا القرار غير دستوري ومشي ويعود بنا الى تخميرات 2011 وفق ما وصفها في تدوينة نشرها على صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي الفايسبوك. وقال إنه قرار مضحك لأن الدولة يحكمها على الاقل رئيسان من ثلاثة كانا مسؤولين دستوريين، فضلا عن عدد كبير من أعضاء الحكومة، وبعض من هيئة الانتخابات نفسها، وأضاف في وصفه أنه قرار اقصائي وغريب. عبير موسي رئيسة الحزب الدستوري الحر نددت من جانبها، بهذا القرار وذلك على هامش اجتماع عام انتظم الأحد 25 فيفري 2018 في صفاقس. ووصفت مستنكرة هذا القرار بالاقصاء معتبرة أنه مناهض للاتفاقات الدولية وحقوق الانسان كما يمس بالمساواة بين المواطنين وبنزاهة العملية الانتخابية، بحسب تعبيره، وأكدت أن حزبها سيدعو رسميا الهيئة لإلغاء هذا البند والتراجع عنه. كما اشارت موسي في متابعة لبعض شطحاتها التي أطلقتها منذ مدة، إلى أن دخول من وصفتهم بذوي الفكر الظلامي المتطرف ضمن قائمات مستقلة في الانتخابات البلدية القادمة وتغلغلهم في المحليات يعد خيانة "عظمى في حق الوطن" وفق تقديرها. هذا وشنّ عدد من المحسوبين على حزب التجمّع المُنحلّ حملة عبر موقع التواصل الاجتماعي "فايسبوك" عبّروا فيها عن غضبهم من قرار "إقصاء كل من كانت له مسؤولية في التجمع من التواجد في هيئات مكاتب الاقتراع للانتخابات البلدية". من جهته، أوضح عضو مجلس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات أنيس الجربوعي، أن شروط الترشح لعضوية مكاتب الاقتراع بالنسبة للانتخابات البلدية التي أعلنت عنها الهيئة، مضمنة بالقانون الأساسي عدد 7 لسنة 2017 المؤرخ في 14 فيفري 2017 المتعلق بالانتخابات والاستفتاء بعد تنقيحه. وكانت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، أعلنت عن فتح باب الترشح لعضوية مكاتب الاقتراع للانتخابات البلدية 2018، وذلك خلال الفترة المتراوحة ابتداء من 23 فيفري وإلى غاية 23 مارس كأجل أقصى، على أن يحدد المترشح ضمن استمارة الترشح التي تم وضع نسخة منها على الموقع الرسمي للهيئة، الدائرة الانتخابية التي يرغب في الترشح لعضوية أحد مكاتب اقتراعها. يذكر أنه تم تلقي 2176 من مطالب الترشح للانتخابات البلدية بعد غلق باب الترشحات يوم الخميس الماضي، وذلك قبل الدخول في مرحلة البت ودراسة الملفات على مستوى الهيئات الفرعية، إبتداء من 23 فيفري الجاري وإلى غاية يوم 2 مارس المقبل. وسيتم الإعلان عن قائمة المترشحين النهائية يوم 4 أفريل 2018، وإنطلاق الحملة الإنتخابية يوم 14 من نفس الشهر لتتواصل إلى غاية يوم 4 ماي المقبل، على أن يكون الصمت الإنتخابي يوم 5 من نفس الشهر. كما تم ضبط يوم 29 أفريل لإقتراع الأمنيين والعسكريين، والإقتراع يوم 6 ماي 2018.