تردد وارتباك وصعوبات خفية حالت دون نجاح العائلة الدستورية وبقايا التجمع المنحل من التوحد داخل هيكل سياسي موحد رغم تعدد المحاولات. تبعا لتتالي الاخفاقات في لم شملهم، كثفت القيادات الدستورية مؤخرا جهودها من أجل الانضمام الى هيكل حزبي يوحدهم، ودعا جزء منهم حركة نداء تونس التي فكت رباطها بحركة النهضة من أجل مصالحها الانتخابية الى الإنضمام اليهم. وتكشف المواقف الاخيرة وجود تحالف يُحبك في كواليس بقايا البيت الدستوري قد يشمل حركة نداء تونس، التي تخلت عنهم في مناسبات سابقة بسبب إغراءات المناصب والسلطة، فيما يشير مراقبون إلى أن الحركة تعمل مؤخرا على شراء ودهم. يأتي ذلك بعد بيانها الاخير الذي استنكرت فيه ما اعتبرته مواصلة اعتماد ممارسات اقصائية تمييزية تجاه المنتسبين لحزب التجمع الدستوري الديمقراطي سابقا، على خلفية منعهم من تحمل مسؤوليات في مكاتب الاقتراع التابعة للهيئة الوطنية للانتخابات. وأكدت الحركة في بلاغ لها، الثلاثاء 27 فيفري 2018، انها "ستمضي قدما" على طريق إلغاء ما أسمته "كل أشكال الحيف السياسي والتمييز المتنافي مع الدستور والأعراف والقوانين الدولية الضامنة لحقوق الإنسان والرافضة لإجراءات العقاب الجماعي التي لا تليق الا بالأنظمة الفاشية والدكتاتورية"، واصفة القرار بال"ممارسة الاقصائية المتناقضة مع منطق الديمقراطية والمساواة ومسار الانتقال الديمقراطي" . وشددت حركة نداء تونس في بلاغها على أنها ترى في نفسها امتدادا لتجربة الحركة الوطنية وحزبها القائد الحزب الدستوري، مشيرة إلى أنها لن تسمح أبدا "بهضم حقوق العائلة الدستورية والتجمعية التي ساهمت عبر مراحل عديدة من تاريخ بلادنا في بناء الدولة وخدمة المجتمع" . من جهته، دعا القيادي في حزب المبادرة محمد الصافي الجلالي في تدوينة نشرها في صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي "الفايسبوك"، يبدو أنها موجهة إلى قيادات نداء تونس الى إعطائهم القيادة الدستورية في نداء تونس للالتحاق بهم. واكدت النائب عن نداء تونس فاطمة المسدي في تصريح ل"الشاهد"، ان النداء يسعى الى توحيد جهود كل الديمقراطيين بمن فيهم الدستوريين و ذلك في اجابة عن امكانية انخراط حزبهم في جهود مبادرة توحيد العائلة الدستورية. كما اشارت المسدي ان مبدأ توحيد جهود العائلة الدستورية موجود و جاهز داخل نداء تونس و ان الخيار سيتخذ حسب تقدير الموقف السياسي. و من جهة اخرى عبرت المسدي عن رغبتهم في تكوين اتحاد يجمع كل الديمقراطيين اولهم العائلة الدستورية الموسعة. وكان قرار الهيئة العليا المستقلة الذي ذكرت فيه بشروط الترشح لعضوية مكاتب الاقتراع من التي تستثني كل من تحمل مسؤولية في حزب التجمع المنحل، قد أثار ردود فعل حادة من قبل بقايا التجمع، أو باقي الأحزاب التي بُنيت على أنقاذه، وكان القيادي بحزب افاق تونس كريم الهلالي أول المعلقين على القرار فوصف القرار بغير القانوني وغير الاخلاقي. وكتب على صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي الفايسبوك "أن إقصاء شريحة من التونسيين والتونسيات من شرف المشاركة في مراقبة الانتخابات البلدية القادمة بدعوى أنها تحملت مسؤوليات في الحزب الحاكم قبل الثورة غير قانوني وغير أخلاقي بالمرة . من جهته، اعتبر رئيس حزب مشروع تونس محسن مرزوق أن هذا القرار غير دستوري ويعود بنا الى تخميرات 2011 وفق ما وصفها في تدوينة نشرها على صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي الفايسبوك. وقال إنه قرار مضحك لأن الدولة يحكمها على الاقل رئيسان من ثلاثة كانا مسؤولين دستوريين، فضلا عن عدد كبير من أعضاء الحكومة، وبعض من هيئة الانتخابات نفسها، وأضاف في وصفه أنه قرار اقصائي وغريب. كما شنّ عدد من المحسوبين على حزب التجمّع المُنحلّ حملة عبر موقع التواصل الاجتماعي "فايسبوك" عبّروا فيها عن غضبهم من قرار "إقصاء كل من كانت له مسؤولية في التجمع من التواجد في هيئات مكاتب الاقتراع للانتخابات البلدية". و ذكّرت هيئة الانتخابات بالبند الذي يمنعهم من الترشح لعضوية مكاتب الاقتراع للانتخابات البلدية بمقتضى الفصل 2 من قرار الهيئة العليا المستقلة للانتخابات عدد 19 لسنة 2014 والمؤرخ في 5 أوت 2014 والمتعلق بضبط شروط وصيغ تعيين أعضاء مكتب الاقتراع وطرق تعويضهم كما تم تنقيحه واتمامه بالقرار عدد 3 لسنة 2018 المؤرخ في 9 جانفي 2018. وبحسب هذا الفصل لا يجوز لأي مترشح لعضوية مكاتب الاقتراع أن يكون قد تحمل احدى المسؤوليات في حزب التجمع الدستوري الديمقراطي المنحل كرئيس أو عضو بالديوان السياسي عضو باللجنة المركزية، المسؤولية السياسية بالإدارة المركزية: أمين قار أو أمين مساعد أو مدير ديوان أو امين عام للاتحاد التونسي لمنظمات الشباب أو مدير مركز الدراسات والتكوين أو رئيس دائرة أو عضو المكتب الوطني لطلبة التجمع الدستوري الديمقراطي أو عضو لجنة تنسيق أو عضو جامعة ترابية أو مهنية أو رئيس شعبة مهنية أو ترابية.