يبدو أن المشهد السياسي التونسي، على بعد خطوات من تغييرات جذرية ستعيد تشكيل المشهد السياسي برمته، خاصة بعد المواقف التصعيدية التي باتت تميز موقف الاتحاد العام التونسي للشغل تجاه الحكومة، بعد أن كان السند الأكبر لها في وقت تخلت عنها أغلب الاحزاب بمن فيها نداء تونس، وبعد انسحاب عدد من الأحزاب من وثيقة قرطاج. كما يبدو أن التنبؤات بتغيير طبيعة العلاقة بين الطرفين واهتزازها تصبح جدية أكثر بتواتر التصريحات بينهما، فالأمين العام المساعد المسؤول عن قسم الشباب والمرأة والجمعيات سمي الشفي ان البلاد تعيش مرحلة صعبة واكد على وجود ملامح أزمة بين الاتحاد والحكومة التي دخلت في خضم الصراعات الحزبية و تأثيرات الانتخابات القادمة بدأت تخيم على مواقفها. واضاف في كلمته خلال اشغال الهيئة الإدارية للجامعة العامة للتعليم الثانوي الثلاثاء 27 فيفري 2018، ان الاتحاد يتابع تطورات الصراع في البلاد حتى لا يتمكن المتربصين بالمنظمة من الوصول أهدافهم مؤكدا وجود جهات معلومة ومشبوهة تتربص بالاتحاد وبالنقابة العامة للتعليم الثانوي تريد إستغلال هذا النضال لتشويه الاتحاد وفق رايه. ونبه الى خطورة الوضع الذي تمر به البلاد الذي ينذر بوقوع أزمات قد تعصف بالاستقرار السياسي والاجتماعي والاقتصادي . وقد يدفع تصريح الأمين العام المساعد لاتحاد الشغل سامي الطاهري باتجاه إمكانية مغادرة المنظمة لاتفاق قرطاج، والدخول في مرحلة جديدة من التعامل، وانتهاء الود بين منظمته والحكومة، حيث أكد أن الأمين العام نور الدين الطبوبي عندما دعا إلى ضخ دماء جديدة في الحكومة لم ينازع رئيسها في صلاحيته. وكشف الطاهري في تصريح لإذاعة موزاييك أف أم أن الاتحاد سيقدم تقييما جديدا لأداء الحكومة خاصة وأن جزء منها مشلولا، مضيفا أنه من واجب رئيس الحكومة أن يقوم بتغيير إن اقتضى الأمر ذلك «لأن المسألة ليست عنادا» حسب تعبير. هذا وغيّر الاتحاد خلال اليومين الماضيين موقفه من الحكومة وغير تصريحاته من مساند الى منتقد، وصل حد المجاهرة بضرورة ادخال تعديل وزاري على الفريق الحكومي و ضخ دماء جديدة في الحكومة و تدعيمها بكفاءات جديدة للحد من تفكك اجهزة الدولة وتحقيق التقارب في وجهات النظر بين مختلف الأطراف. وقال الطبوبي امام نواب مؤتمر الاتحاد الجهوي للشغل بسيدي بوزيد ان الايادي المرتعشة لا يمكن لها ان تصنع ربيع تونس وأضاف ان الحكومة مطالبة بتحقيق نتائج في مستوى تطلعات الشعب. من جهته، رد رئيس الحكومة يوسف الشاهد على هذه التصريحات بصورة المتحدي من خلال الحوار الذي أجرته معه القناة الوطنية 2 الاحد 25 فيفري 2018، والذي نفى فيه إمكانية أجراء تحوير وزاري الان مشددا على أن ذلك يبقى من صلاحيات رئيس الحكومة وحده. وأضاف الشاهد أن الحكومة تعمل على أهداف رسمتها فور بدء عملها وستعمل على تحقيقها في أفق 2020 مؤكدا أن التحوير لايكون لمجرد التحوير أو التغيير بل يجب أن يكون وفقا لأهداف وبرامج مرسومة بدقة. ولفت الى ان ‘تغيير الحكومات والوزراء أكبر عدو للإقتصاد'، وان تغيير الوزراء والحكومات في كل مرة لا يخدم تونس وإقتصادها داعيا إلى ضرورة إرساء الاستقرار السياسي باعتباره ضرورة قصوى لنجاح البرنامج الحكومي. وشدد رئيس الحكومة على ان ‘الجو السياسي النظيف أساس الاستقرار السياسي'، داعيا الاحزاب والمجتمع المدني إلى تخطي الخطاب السياسي المتشنج والإرتقاء به. هذا وأكد الأمين العام المساعد المكلف بالقطاع الخاص محمد علي بوغديري في تصريح ل"الشاهد"، أن الاتحاد سيتابع أداء الحكومة وسيقيمه، ولن يكون شاهد زور على تقصيرها، لافتا الى أن بقاءهم في الوثيقة لا يعني دعمهم اللامشروط للحكومة.