في ظلّ محدودية القطاع الطاقي في البلاد والعجز الذي بات يتهدد القطاع في السنوات القليلة القادمة سيّما بعد توقعات ببدء تراجع إنتاج النفط والغاز ، تسعى الحكومة إلى وضع الأمور في نصابها كي لا تجد نفسها أمام معضلة لا مناص لها منها ، و تضافر الخطى من أجل تنفيذ استراتيجيتها في قطاع الطاقة المتجددة، والتي ستكون الأرضية الأولى لبلورة خططها عبر جلب المزيد من الاستثمارات الأجنبية وتشجيع القطاع الخاص للدخول و الإسهام في هذا المجال… وقد أطلقت وزارة الطاقة والمناجم والطاقات المتجددة استراتيجية جديدة لتمويل مشاريع في مجال الطاقة من خلال مشاريع طموحة تمتد إلى غاية عام 2020 تهدف لضمان أمن الطاقة في البلاد. وخصصت الحكومة لتنفيذ الخطة 12 مليار دينار سيذهب جزء منها لمشروعات الطاقة البديلة، كما ركزت على تشجيع القطاعين العام والخاص لتوسيع رقعة استثماراتهما في هذا القطاع المستدام. وفي خضم هذا الشأن، أعلن وزير الطاقة خالد قدور في مؤتمر صحفي هذا الأسبوع عن مشاريع متنوعة لإنتاج الكهرباء وتوسيع شبكة الكهرباء في كامل أرجاء البلاد. وقال إن "الوزارة تهدف في المقام الأول إلى ضمان تزويد البلاد بالمواد البترولية والكهرباء والغاز في ظروف مستقرة". ومن بين المشاريع التي أعلن عنها الوزير، إقامة محطة توليد الكهرباء جديدة بمنطقة رادس ، بتمويل ياباني وبتكلفة تقدر بنحو 321 مليون دولار ستبدأ الإنتاج في النصف الثاني من العام المقبل. وهناك مشروع آخر في منطقة المرناقية من ولاية منوبة بتكلفة تناهز 272 مليون دولار، ومشروع ثالث في مدينة الصخيرة التابعة لولاية صفاقس بقيمة 410 مليون دولار. كما كشف قدور عن مشروع للربط الكهربائي بين تونس وإيطاليا عبر خط كهربائي بقدرة 600 ميغاواط يمتد على طول مئتي كيلومتر وبمحطتي تحويل، بتكلفة تناهز 730 مليون دولار، وسيتم إنجازه في غضون أربعة أعوام. وتسابق الحكومة الزمن من أجل استدامة القطاع مستقبلا من خلال التحكم في الكلفة وترشيد الدعم، لذلك خصصت 4.3 مليار دينار لمشاريع الطاقات المتجددة، 70 بالمئة منها استثمارات بين القطاعين العام والخاص. وسيتم إقامة محطة شمسية "توزر 1" بتكلفة 13.6 مليون دولار والمحطة الشمسية "توزر 2" بتكلفة تقدر بنحو 12.4 مليون دولار، وبناء محطات شمسية بقدرة 300 ميغاواط في ولايات مدنينوقبلي والقصرين وسيدي بوزيد ومدينة الصخيرة. كما تشمل مشاريع الطاقة المتجددة، بناء محطة إنتاج الكهرباء بطاقة الرياح في ولاية قبلي. وقد وضعت الحكومة في نطاق خطتها لتعزيز دور هذا النوع من الطاقة، "أطلس الرياح" لتحديد أماكن تركيز محطات الرياح في أنحاء البلاد. وأكد قدور أنه سيتم تركيز محطات للطاقة البديلة في مناطق مختلفة من البلاد، في إطار نظام التراخيص، وذلك بقدرة 70 ميغاواط لكل منها. وستكون تلك المشاريع مجرد انطلاقة فقط من أجل بلوغ مستوى إنتاج بمقدار ثلث احتياجات البلاد من الكهرباء بواسطة الطاقات المتجددة بحلول العام 2030. وتولي السلطات أهمية كبرى للقطاع الطاقي، ليس لتوفير فرص العمل وتحفيز الاستثمارات في القطاعين العام والخاص فقط، بل لمواجهة المصاريف التي تثقل كاهل الدولة، ما جعلها تدخل في دوامة من المشكلات الاقتصادية. وتقول الحكومة إن استراتيجيها هدفها الأساسي تحقيق الأمن الطاقي للبلاد وتنويع مصادر الطاقة والإنصاف الطاقي والحوكمة والتنمية المستدامة. وحتى تسير المشاريع وفق المخطط، تعكف الحكومة على وضع اللمسات الأخيرة لإنشاء هيئة تعديلية لقطاع الطاقة لتبدأ العمل قبل نهاية العام الجاري، فضلا عن إعداد قانون خاص بالطاقات المتجددة لتحفيزه، وذلك قبل نهاية العام المقبل.