كثيرة هي التقارير المحليّة و الدولية ، التي تحذر من استفحال ظاهرة الفساد في تونس ، فلا يمرّ أسبوع حتى تجد ارقاما متباينة تخص هذه الظاهرة ، تارة تؤكد على استفحالها نظرا لاهمال السلطات المعنية و طورا تشير الى ان الجهود الحكومية و جهود الهيئات الدستورية ساهمت بشكل او بآخر في تراجع و الحدّ من هذه الظاهرة . و قال رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، شوقي الطبيب، أمس الثلاثاء 13مارس، إن مختلف التقييمات الحالية لجهود هيأته وآدائها و الآراء المختلفة التي تدعي تفشي الفساد في تونس بعد الثورة واستحالة محاربته هي آراء خاطئة و مضللة تبثها لوبيات الفساد و شدّد الطبيب في مداخلة قدمها امام المشاركين في اشغال يوم دراسي نظمته المدرسة العليا لقوات الامن الداخلي حول دور قوات الامن الداخلي في مكافحة الفساد، على ان تونس فازت بعد الثورة وخاصة في السنتين المنقضيتين في جولات وحققت نقاطا في حربها على هذه الآفة. واضاف في هذا الصدد ان من ضمن المكاسب المحققة التغير الحاصل في الرأي العام التونسي الذي اضحى رافضا رفضا قطعيا للفساد وهو امر لم يكن موجودا في السابق فضلا عن التحسن الحاصل على المستويين القانوني و الشريعي ما جعل تونس الدولة العربية الوحيدة التي تسجل في السنوات الاخيرة تحسنا في ترتيبها بخصوص مدركات الفساد على الصعيد العالمي وفق تقارير منظمة الشفافية الدولية. وكانت منظمة الشفافيّة الدولية، قد ادرجت تونس يوم 21 فيفري الماضي في المرتبة 74 عالميا في مجال مكافحة الفساد في القطاع العمومي لدى اعلانها عن مؤشر مدركات الفساد لسنة 2017 والذي شمل 180 دولة، مشيرة الى انها سجلت تقدّما بمرتبة واحدة مقارنة بسنتي 2015 و2016. ولاحظ رئيس هيئة مكافحة الفساد انه كان بإمكان تونس تحقيق نتائج أفضل لو تولت الحكومة اصدار الاوامر التطبيقية الخاصة بالنصوص القانونية ذات الصلة داعيا الى فتح ملف هيئات الرقابة الحالية وطرح مسألة الابقاء عليها من عدمه . ولدى تطرقه الى مسالة التنسيق بين الهياكل ذات الصلة بمكافحة الفساد والرقابة قال شوقي الطبيب ان غياب هذا التنسيق يعد من ضمن نقاط ضعف حرب الحكومة على الفساد مشيرا في هذا الشأن إلى ان هذه الحرب يجب الا تقتصر على احالة الفاسدين على القضاء و مساءلتهم بل يجب ان تنسق الجهود بشكل يستهدف منظومة الفساد الموروثة منذ الدولة الحسينية ،حسب قوله. وحذر في هذا السياق من امكانية تكرار سيناريوهات تاريخية عاشتها تونس زمن تلك الدولة وساهمت في انتصاب الحماية الفرنسية ثم الاستعمار لاحقا جراء مواجهة الدولة التونسية آنذاك لصعوبات مالية اضطرتها الى مزيد الاقتراض من الخارج والترفيع في العبء الجبائي على التونسيين نتيجة الفساد وسوء التصرف. و تتواصل الانتقادات لجهود الحكومة في محاربة الفساد ، الذي اكدت احزابا كثيرة و خاصة منها المعارضة ، ان الحرب الذي خاضتها الحكومة في محاربة الفساد في ماي المنقضي ، ما هي إلاّ حرب صورية و انتقائية و لم تأت بنتائج ناجعة . و أكد القيادي في الجبهة الشعبية احمد الصديق ،في مداخلته على قناة التاسعة انه لا يهتمّ بتغيير الحكومة ورئيسها يوسف الشاهد بقدر الاهتمام بالوضع الاقتصادي والاجتماعي المتدهور في البلاد. وأضاف احمد الصديق انه يُعوّل على الشعب على تغيير في صناديق الاقتراع بعد سنة و7 أشهر من الآن. وتابع احمد الصديق بان الحديث عن محاربة الفساد كذبة كبرى مضيفا الذين يدعمون الحكومة وأحزابها ويمولونها كلهم ضد الحوكمة ومع الفساد ومستفيدون من إنهيار الاقتصاد…