نزَل الخطاب الّذي ألقاه رئيس الجمهورية الباجي قاد السبسي ، أمس الثلاثاء 20 مارس ، كالصاعقة على الاطراف السياسية التي سارعت بتقديم مبادرات لتغيير النظام السياسي في البلاد، هذه المطالب تزامنت مع ما تناقلته وسائل الاعلام من امكانية الاعلان عن مبادرة ممثالة في يوم الاستقلال ، لكن توقعات الصحف خابت بعد ان نفى رئيس الجمهورية عزمه على ذلك ، و مع هذا فان التوقعات التي سبقت خطاب الرئيس أوقعت اطرافا سياسية و ما يلقبونهم ب"خبراء تحت الطلب" في فخّ غير محسوب العواقب . و نفى رئيس الجمهورية الباجي قايد السبسي في خطابه منذ قليل بمناسبة الذكرى 62 للاستقلال اليوم الثلاثاء 20 مارس 2018، أنه لن يقدم مبادرة لتحوير الدستور، مشيرا الى أنه من حق المختصين مناقشة مضامينه. و دعا في سياق متصل، الى الحسم في القانون الانتخابي قبل الانتخابات القادمة، معربا عن امله في انتخاب اعضاء المحكمة الدستورية في الجلسة العامة المقبلة لمجلس النواب . و كانت مصادر اعلامية ، قد نقلت الاسبوع الماضي أخبارا مفادها ان رئيس الجمهورية سيقدم خلال خطابه بمناسبة عيد الاستقلال مبادرة لتغيير النظام البرلماني الى رئاسي ، و سارعت انذاك ثلة من الاحزاب للاعلان عن مساندتها اللامشروطة لهذه الاجراءات ، بل هنالك من الاحزاب من سارع لتقديم مبادرته الخاصة التي تصب في نفس الاتجاه ، على غرار حركة مشروع تونس الذي يرأسها محسن مرزوق . ودعا الأمين العام لحزب "حركة مشروع تونس"، محسن مرزوق، السبت الماضي، إلى اعتماد النظام الرئاسي في البلاد بدلًا من النظام البرلماني المعدّل الذي يقره الدستور الحالي. وعن البديل الذي يقترحونه، دعا مرزوق إلى أن تكون هناك إصلاحات نحو توحيد القيادة السياسية في تونس، أي نحو النظام السياسي الرئاسي الديمقراطي، وأن تكون السلطة التنفيذية في يد الرئيس المنتخب من قبل الشعب، مشيراً إلى أن رئيس الحكومة يعيّن من أغلبية تتأتى من السلطة التشريعية. وأثارت دعوة محسن مرزوق موجة رفض من المعارضة ومن النواب المؤسسين الذين وضعوا دستور 2014، ورد الأمين العام لحزب "التيار الديمقراطي"، غازي الشواشي، على دعوات تغيير النظام السياسي قائلا ل"العربي الجديد": "يبدو أن الجماعة التي تعودت في الماضي على مناشدة رئيس البلاد إلى الترشح مرة ثانية وثالثة ورابعة وكانت تسترزق من هذه "الصنعة" اشتاقت إلى أيام زمان لذلك نراها في المدة الأخيرة تطالب بتغيير النظام السياسي من برلماني معدل إلى رئاسي أو حتى رئاسوي لعلها تنجح في تحقيق مطلبها وتعود إلى صنعتها القديمة". ورأى متابعو الشأن السياسي أن مرزوق يسعى الى استعادة ثقة السبسي من جديد والتقرّب إليه ل"غاية في نفس يعقوب" من أجل قلب الموازين من جديد في الساحة السياسية ، مرجعين اقتراح مرزوق لمسألة تغيير الحكم في هذه الآونة بالتحديد وتزامنا مع دعوة السبسي لنفس الشيء ، ليس سوى من أجل كسب ودّ السبسي من جديد. هذا أحيت تونس أمس الثلاثاء الذكرى ال62 لاستقلالها عن الاستعمار الفرنسي منذ العام 1956، ويحمل هذا التاريخ أبعاداً رمزية كثيرة بإعتباره تاريخاً لإنتصار المقاومة الوطنية ضد الإحتلال. ويستحضر التونسيون في هذه المناسية الوطنية نضالات شهداء تونس ومناضليها في مواجهة الاستعمار الفرنسي، ورحلة النضال السياسي التي بدأت مع حركة المقاومة المسلّحة منذ اللحظات الأولى للاحتلال الفرنسي، وشاركت فيها جميع فئات الشعب، فدفعت أجيال كاملة من أجل الاستقلال التضحيات والدماء الكثير لتحقيق هذا الهدف السامي ولبناء الدولة الوطنية الحديثة.