بلغ الصراعُ بين الحكومة و اتّحاد الشغل أشدّه بعد أن تواترت التصريحات والتصريحات المضادّة وتكثّف الشدّ والجذب بين الطرفين، في ظل التهديدات بينهما، وهي سابقة من شأنها أن تُحرج اتحاد الشغل الذي ابتعد بتصريحات قياداته التصعيدية عن البعد النقابي. و يرى ملاحظون ان اتحاد الشغل بعد الثورة ليس هو نفسه اتحاد ما قبلها، اذ أنّ صورة العمل النقابي تكاد تفقد صفاتها المعهودة وطغى عليها السياسي في الكثير من الأحوال، و شكلت التصريحات المتتالية لقيادات الاتحاد أعلان حرب غير محسوبة العواقب على الحكومة ، حرب مستعرة لعبت فيها بعض الشخصيات النقابية دورا تصعيديا. وعلّق سامي الطاهري الأمين العام المساعد المسؤول عن الإعلام بالإتحاد العام التونسي للشغل على خطاب رئيس الحكومة يوسف الشاهد يوم الجمعة في الجلسة العامة بمجلس نواب الشعب قائلا" الشاهد اختار الهروب الى الامام..والظهور بانه متماسك". ووصف الطاهري في مقطع فيديو نشرته الصفحة الرسمية للاتحاد على موقع التواصل الاجتماعي "فايسبوك" خلال أشغال اجتماع الإطارات النقابية بجهة صفاقس أمس السبت 24 مارس 2018 خطاب رئيس الحكومة بانها "صولة الهرّ ..لا تخيفنا" وبكونه "خطاب وضع الرأس في الرمل" على حد قوله وقال الطاهري ان خطاب الشاهد كان "دفاعي.. داخلي ...أرضى به نفسه".واوضح ان الشعب سمع خطابا ولم يسمع "حلول ولا حقيقة ولا مصالحة ولا صدق". واضاف الأمين العام المساعد للاتحاد موجها كلامه للشاهد "بايعت من بايعت...وكدت تلثم الايادي من اجل ان تبقى في مكانك". و تأتي هذه التصريحات تزامنا مع ما يقال أنّها حملة مسعورة للاطاحة بحكومة يوسف الشاهد بقيادة أطراف سياسية بدرجة أقل و نقابية بدرجة أكبر،وخلال الفترة الماضية نقل الاتحاد انتقاداته للحكومة إلى النقابات القطاعية مثل نقابة التعليم الثانوي القوية والتعليم العالي والأطباء والبريد ليمارس من خلال الإضرابات نوعا من الضغوط الاجتماعية والسياسية على الحكومة. و يرى مراقبون ان المنظمة النقابية باتت اليوم تلعب ادوارا أخرى أكثر شموليّة و تأثيرا و لا علاقة لها بالعمل النقابي ، إذ يُجمع اهل الاختصاص السياسي على أن الهدف المعلن من وراء كلّ ممارسات الاتحاد( من احتجاج و شل أجهزة الدولة) هوتحقيق مآرب سياسوية ، تخدم الجبهة الشعبية على وجه الخصوص ، الجبهة التي لم تترك سلاحا إلا أشهرته في وجه خصمها الايد يولوجي و التقليدي حركة النهضة . و أمام الاتهامات الكبيرة الموجهة لاتحاد الشغل ، خرجت أصوات أخرى لتعبر عن مساندتها لمواقف الاتحاد باعتباره رقما دائما في الحياة الساسية و صرحا امام كل محاولة التشويه و التدنيس . و قال الباحث في علم الاجتماعي و المحلل السياسي الطاهر شقروش في حديث "للشاهد" أنّ اتحاد الشغل وقف في وجه القوى الاستعمارية عندما كانت الدولة تحوض معاركها مع المستعمر الفرنسي ، قائلا " اتحاد الشغل ليس فقط قوة عمالية نقابية تدافع عن المصالح المادية لمنظوريها و لكنها قوة وطنية دفعت الثمن غاليا في سبيل الديمقراطية حتى ان القوى التقدميو كانت في السابق تحتمي بمظلة الاتحاد لحماية نفسها من بطش الاستبداديين ، و بالتالي فإن اتحاد الشغل لم يمارس السياسية اليوم بل مارسها قديما مع المستعمر و مع الانظمة الاستبدادية. و تابع مصدرنا بالقول " يجب أن لا يغيب على أذهان المراقبين أنّ كل من يواجه رياح اتحاد الشغل سينتهي به المطاف خارج اللعبة السياسة ، فاتحاد الشغل صعب المراس و لكنه ليّن عندما لا تكون هناك نية مبيتة." و في ردّه على اتهام اتحاد الشغل بالتسيس ، قال الطاهر شقروش " السياسة جزء من مسار الاتحاد و لا يمكن ان يتخلى عنها لأن خصخصة المؤسسات العمومية هي جزء من اهتمامات الاتحاد و كذلك الشأن بالنسبة لقوت العمال ، و ليس المطلوب هنا ابعاد اتحاد الشغل عن السياسة و انما التشاور بكل شفافية حتى نجنّب البلاد هزات أخرى ، المطلوب هو حوار ديمقراطي قائم على التعاطي بشكل إيجابي"