رغم ان ثقافة المجتمع التونسي بعيدة كل البعد عن العنصرية إلا انه يبقى من حق بعض الطلبة الأفارقة الذين يدرسون في بلادنا المطالبة بحقوقهم التي يكفلها القانون وتتعارف عليها المواثيق الدولية ، لكن ان يعمد بعض الطلبة الى الحديث عن تجاوزات عنصرية في حقهم ويدللون على ذلك برواية هزيلة على غرار الطالب الكاميروني ليونيل فريدي قون الذي تحدث لبعض وسائل الإعلام يصف العنصرية في تونس "ذات يوم كنت في المترو وتعرضت لإهانة لفظية. بعض الرجال قالوا بالعربية (كحلوش) و(قيرة.. قيرة). لم أفهم معنى ذلك ولكن عندما سألت رفاقي عن معنى (كحلوش وقيرة) قالوا إن معناها زنجي أو قرد. شعرت بصدمة كبيرة" ، والأمر نفسه ينطبق على ما قالته احد الطالبات الإفريقيات " أقيم في تونس منذ أربع سنوات لكنني أتوق للعودة إلى بلدي لأنني لا تشعر بأنني موضع ترحيب في تونس". أما رئيس اتحاد الطلاب الأفارقة توري بلاماسي فقد أكد ان الطلاب الذين قدموا من الأفارقة يعاملون بجفاء في تونس . حديث توري وزملائه كان يمكن قبوله لو تعلق بأمر أخر غير العنصرية ، لان الثقافة السائدة في المجتمع التونسي تقول بغير ذلك ولان العاصمة التونسية وعلى مدى عقود استقطبت فسيفساء هائلة من الأجناس والأعراق والألوان سمحت بترسيخ روح التعايش ، هذا إضافة الى ان نسبة كبيرة من سكان تونس من ذوي البشرة السمراء . لا يمكن ان نجزم بعدم صدور بعض العبارات الفجة والمدانة من هنا او هناك في حق أحد الأفارقة السمر اوفي حق تونسي يحمل نفس البشرة ، لكنه يمكننا الجزم بان هذه التشكيات المقننة التي انتهت بمؤتمر صحفي اشرف عليه بعض الطلبة الأفارقة ودعيت له وسائل إعلام أجنبية يكمن ورائه بعض أولائك الذين احترفوا التنقيب على كل ما يشين تونس خاصة بعد تصريح رئيس اتحاد الطلبة الأفارقة الذي تحدث فيه عن زيارة المرزوقي الى مالي " وقل بلاماسي "لقد كان (الرئيس التونسي منصف المرزوقي) في مالي قبل وقت قريب واستقبله الشعب الأفريقي استقبالا حارا. ما الذي نحصل عليه مقابل تلك الحفاوة؟ في المقابل يلقى الطلاب الأفارقة معاملة جافة" . الى هنا يمكن البحث عن مبررات والقول ان الطلبة الأفارقة تحسسوا من بعض فلتات الزخم اليومي ، لكن المنعرج الذي يثبت ووجود انتهازية سياسية خبيثة خلف الشباب الأفارقة هو اللقاء الذي اعلن عنه بلاماسي واكد انه تم بين هيئة اتحاد الطلبة الأفارقة و مكتب النقابة الوطنية للشرطة التونسية ، وأضاف رئيس الاتحاد لقد قلنا لهم اننا رصدنا حالات اعتداء لم تصل فيها الشكاوى إلى نتيجة ورصدنا محاولات اغتصاب والشكوى بخصوصها لم تصل إلى نتيجة." من الاعتداءات اللفظية "عبارة كحلوش" تحولنا الى الحديث عن اعتداءات جسدية ثم تطور الآمر وأصبح الحديث عن الاعتداءات الجنسية بل عن أخطرها "الاغتصاب" ، اعتداءات تتم وفق البشرة وتلك السمراء بالذات ، وليست البشرة التونسية ولا الليبية المتواجدة بكثرة في بلادنا وإنما الإفريقية وتحديدا من القطاع الطلابي ، بعد كل هذا لا تودع الشكوى بوزارة الداخلية وإنما ب"بنقابة الأمن" !