يبدو أن ملف التعليم في تونس وصل طريقا مسدودة و بات يعيش فصلا جديدا في أزمته، بعد أن كان قاب قوسين من الإنفراج، سيما وقد لانت خطابات كلّ من وزير التربية حاتم بن سالم والأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل نورالدين الطبوبي حول المسألة قبل سويعات قليلة من الاجتماع الذي جمع الطرفين ، إلا أن المفاوضات لم تتوصل الى حل مرضٍ الأمر الذي بات ينذر حقا ب"سنة بيضاء".. وبعد أن فشلت كلّ من وزارة التربية ونقابة التعليم الثانوي في الوصول إلى حل ، الأمر الذي دفع مجلس النواب إلى التدخل كوسيط لتقريب وجهات النظر من أجل تفادي إقرار سنة بيضاء ، يكون ضحيّتها "التلميذ" فقط. و كان قد تغيب كل من وزير التربية حاتم بن سالم والأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل نورالدين الطبوبي والكاتب العام للجامعة العامة للتعليم الثانوي لسعد اليعقوبي عن جلسة إستماع الإثنين الماضي حول أزمة التعليم الثانوي بمجلس نواب الشعب ، وذلك بعد أن قرر ممثلو إتحاد الشغل عدم حضور الإجتماع نظرا لخصوصية أزمة التعليم الثانوي المتعلقة بنزاع شغلي بحت، وكذلك ولالتزام سابق لوزير التربية يتعلق بالعمل الحكومي بمقر رئاسة الحكومة بالقصبة. وبناء على ذلك تم تحديد جلسة جديدة للاستماع لوزير التربية حول مسألة حجب أعداد التلاميذ ومآل الأزمة القائمة بين الوزارة ونقابة التعليم الثانوي، بقرار من لجنة الشباب والشؤون الثقافية والتربية والبحث العلمي بمجلس نواب الشعب. وتداول أعضاء اللجنة خلال اجتماع خصص للنظر في برنامج عمل اللجنة للفترة المقبلة، في موضوع حجب أعداد التلاميذ، لافتين الى ان هذا القرار أصبح له تأثيراته الإجتماعية وأحدث توترا لدى التلاميذ والأولياء. يشار الى ان الهيئة الادارية القطاعية لنقابة التعليم الثانوي الملتئمة يوم الثلاثاء الماضي قررت الإبقاء على أشغالها مفتوحة إلى يوم 13 أفريل كحد أقصى، مع إمكانية الانعقاد مجددا في صورة وجود تطورات في علاقة بمطالب التعليم الثانوي، أواستجابة سلطة الاشراف لأي جلسة تفاوض، وفق ما أكده الكاتب العام المساعد للجامعة العامة للتعليم الثانوي، مرشد إدريس ، في تصريح لوات، موضحا أن الهدف من هذه المهلة هو فسح المجال أمام الوزراة وأمام رئاسة الحكومة للتفاعل الايجابي مع مطالب قطاع التعليم الثانوي. وقال إن الهيئة الادارية القطاعية أكدت، خلال اجتماعها، تمسكها بقرار حجب الاعداد عن الادارة، وأعطت تفويضا للجامعة العامة للتعليم الثانوي باتخاذ الرد المناسب على أي إجراء عقابي تتخذه الوزارة ضد المدرسين أو ضد المديرين المتشبثين برفض مد سلطة الاشراف بقائمة الحاجبين للاعداد، أو بأي وثيقة لها علاقة بحجب الاعداد. " تزامنا مع ذلك، استقبل أول أمس الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل نور الدين الطبوبي الكاتب العام لنقابة التعليم الثانوي لسعد اليعقوبي للتباحث حول أزمة التعليم. وفي هذا السياق قال نور الدين الطبوبي في تصريح ل"الصباح" ان مشاكل التعليم الثانوي ليست مادية فقط، حيث يطالب الطرف النقابي باصلاح المنظومة التربوية المهترئة على جميع المستويات خاصة المؤسسات التي لم تعد قادرة على تقديم تعليم ذا جودة عالية بسبب انعدام التجهيزات اللازمة، إضافة إلى أن البرامج التربوية لم تعد تواكب المرحلة الراهنة، وعلى وزارة التربية تحمل المسؤولية في ما يحصل داخل قطاع التربية والتعليم، خاصة وأنها لم تعد تهتم بالوضع التربوي وضربت عرض الحائط بكل مساعي التفاوض التي دعت إليها نقابة التعليم الثانوي وهو ما يدل على عدم مبالاتها بما وصل إليه الوضع وسعيها الى مفاقمة الأزمة بدل البحث عن حلول، خاصة وأننا قدمنا خلال الهيئة الإدارية الأخيرة لقطاع الثانوي مؤشرات إيجابية على طريق الحلحلة. وعلى صعيد متصل استنكر الطبوبي ما وصفه بحملات التشويه والشيطنة التي طالت قطاع التعليم الثانوي والنقابة العامة والتي ساهمت في تأزيم الوضع التربوي، مؤكدا أن الاتحاد العام التونسي للشغل تمكن من إيجاد حلول وبعث رسائل إيجابية لسلطة الإشراف وللطرف الحكومي الذي مازال متشبثا بضرورة رفع حجب الأعداد للجلوس إلى طاولة المفاوضات، معتبرا أن هذا الشرط غير منطقي، ونحن اليوم ننتظر ردا من الحكومة ومبادرة حسن نوايا خاصة وأننا لم نتخذ أية قرارات خلال الهيئة الإدارية الأخيرة، ورغم كل ذلك أعتقد أننا سنصل إلى حل يرضي الجميع خلال الأيام القليلة القادمة. ومن جانبه، قال كاتب عام الجامعة العامة للتعليم الثانوي، لسعد اليعقوبي، غي تصريح لإذاعة جوهرة اف ام السبت، إن الحكومة لا زالت تدفع نحو الأزمة، أو ما أسماه "مربع الخطر"، من خلال رفض التفاوض الجدي، معلنا أنه سيتم دعوة الهيئة الإدارية لعقد اجتماع جديد وسط الأسبوع القادم سيكون "حاسما وجازما"، في حال عدم ظهور بوادر لانفراج الأزمة. وأكد اليعقوبي أن النقابة العامة للتعليم الثانوي والجامعة العامة والهيئة الإدارية ستتخذ، خلال الاجتماع المزمع عقده يوم الاربعاء أو الخميس القادم، القرارات "الصعبة والحاسمة" من أجل منع الحكومة من الذهاب نحو سنة بيضاء. وشدد اليعقوبي على أن نقابة الثانوي تقوم بمجهودات هدفها منع أي امكانية لتكون سنة دراسية بيضاء، من خلال طلب جلسات مفاوضات جدية للوصول اتفاقات، وهو ما تقابله الحكومة بالتهرب والتعلل بتعلات واهية، وفق تعبيره. كما طمأن بأن النقابة تعمل على حماية السنة الدراسية مع تواصل تأمين الدروس بشكل عادي، مشيرا إلى أن النقابة لن تترك الحكومة تذهب إلى المربع الذي يصبح فيه حجب الأعداد ذو أهمية كبرى ومباشرة على السنة الدراسية.