كثر الحديث خلال الفترات الأخيرة حول الاصلاحات الاقتصادية التي تقوم بها تونس للنهوض بالاقتصاد وإخراج البلاد من عنق الزجاجة وتخليصها من أزمتها المالية الخانقة واشتد الجدل حول هذه المسألة مؤخرا سيما وقد وجهت أحزاب المعارضة أصابع الاتهام إلى الحكومة بأنها تخضع إلى ضغوطات صناديق النقد وإملاءات الدول الأجنبية، فضلا عن معارضة الاتحاد العام التونسي للشغل لجل هذه الاصلاحات.. و مع اتساع دائرة الجدل حول هذه المسألة ، ما انفكت حكومة الشاهد تؤكد ان الإصلاحات الموجعة التي بدأت تونس بتنفيذها ضرورية لإنقاذ اقتصاد البلاد.. و يتصدر الحديث عن مسألة الزيادة في أسعار المحروقات واجهة الأحداث تحت ضغط صندوق النقد الدولي، خاصة وأن أسعار الوقود في تونس تعتبر من أعلى المعدلات في المنطقة العربية، ويمكن لأي زيادات محتملة أن تؤجج احتجاجات تفاقم المصاعب التي تواجهها الحكومة. وجاءت مطالبة الصندوق بعد زيارة أجرتها بعثته التي بدأتها في 4 أفريل الجاري والتي دامت أسبوعا كاملا. وكانت الحكومة قد أعلنت مطلع أفريل الجاري، رفع سعر البنزين إلى 1.85 دينار ، كما زاد سعر لتر السولار دون كبريت ليصبح 1.61 دينار والسولار العادي 1.33 دينار . و في السياق ذاته، كشفت بيانات موقع "غلوبال بترول برايس" قبل الخطوة التي اتخذتها الحكومة، أن تونس تبيع لتر البنزين بأعلى من الأسعار العالمية حيث يبلغ 0.745 دولار، وهي تحتل المركز السابع في سلم ترتيب منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. و تعمل الحكومة على خفض الدعم الحكومي للوقود من أجل مواجهة العجز الكبير في ميزانيتها. و في خضم هذا الشأن، قال وزير الإصلاحات توفيق الراجحي في وقت سابق إن "قيمة دعم الدولة للوقود سترتفع هذا العام إلى نحو 3 مليارات دينار من 1.5 مليار بسبب ارتفاع أسعار النفط في الأسواق العالمية". كما دعا الصندوق إلى ضرورة معالجة الاختلالات الاقتصادية لإبقاء التعافي على مساره الصحيح، ودعم الأسس اللازمة للنمو الاقتصادي العادل في المستقبل. واعتبرت البعثة أنّ النمو الاقتصادي لتونس في طريقه للتعافي نتيجة ارتفاع حجم الصادرات وتحسّن الموسم الفلاحي، إلى جانب زيادة الاستثمارات الأجنبية، غير أنها قالت إن "تعافي النمو يقابله ارتفاع المخاطر التي يتعرض لها الاقتصاد بشكل عام". وتتمثل تلك المخاطر بالأساس، في ارتفاع مستوى التضخم، و هو ما أثر سلبا على القدرة الشرائية للمواطنين بشكل كبير منذ مطلع العام الجاري، إضافة إلى العجز التجاري الكبير وارتفاع الديون، رغم الإصلاحات التي تنفذها الحكومة.