الجدل حول النقابات الأمنية وما يأتيه بعض المنتسبين لها من أفعال وتعليقات في جملة من القضايا أهمها وأخطرها مكافحة الإرهاب مازال متواصلا في تونس بل لعلّه أصبح جزءا من خطابات الخوف التي تدفع نحو تعفين المشهد العام في البلاد بالرغم من حساسية المرحلة التي تمربها ولم يقتصر الأمر على ذلك فحسب بل أقدمت نقابات أمنية على محاصرة محكمة بن عروس وعلى إقتحام مقر رئاسة الحكومة قبل ذلك. رغم حساسيّة بناء أمن جمهوري والحاجة الوطنية الملحة لذلك في سياق الإنتقال الديمقراطي الذي تعيش على وقعه البلاد إلاّ أنّ نقابات أمنية سطت على مصطلح "أمن جمهوري" وحولت الصفة النقابية والعمل النقابي إلى مناشط أخرى تنشد غايات سياسية وأخرى أكثر خطورة عندما يتعلّق الأمر بالحديث عن سيناريوهات تمس من الأمن العام أو حتى تروج لإشاعات. في شهر فيفري الماضي بينت نقابة الأمن الجمهوري أن تصريحات الأمني المتقاعد من وزارة الداخلية وعضو النقابة السابق محمد علي الرزقي لا تعبر عن موقف النقابة بتاتا وذلك ردّا على تصريحات للأخيرة أثارت جدلا واسعا في البلاد غير أن الأخير مازال ينتحل الصفة الأمنية بشكل فاضح. بصفته "الكاتب العام لنقابة الأمن الجمهوري" صرّح محمد علي الرزقي الإثنين 16 أفريل 2018، أنه تم الكشف عن نفق يتجاوز طوله 70 كيلومترا يمر من تونس إلى ليبيا وذلك من طرف أعوان الحرس الوطني وأضاف في جلسة استماع بلجنة التحقيق في شبكات التسفير إلى بؤر التوتر بالبرلمان أنه تم تحضير هذا النفق لدخول الدواعش. الرزقي تحدّث عن دخول دعاة صادر في شأنهم قرار منع من دخول البلاد وقاموا بإلقاء محاضرات في جامعات تونسية وعاود الحديث عن تورط "الأمن الموازي" في تسفير الشباب إلى بؤر التوتر، موضحا أنّ الشهيد الأمني الذي قتل في جبل الجلود اكتشف وجود أطراف تقوم بتدريب مجموعات إرهابية. الناطق الرسمي باسم النقابة العامة للحرس الوطني مهدي بوقرة، قال من جانبه إنَّ ما ادعاه النقابي الأمني محمد علي الرزقي بخصوص اكتشاف أعوان الحرس الوطني لنفق يتجاوز طوله 70 كيلومترا يمر من تونس إلى ليبيا "مجرد مغالطة كبيرة لا تمت للحقيقة بأي صلة". واعتبر بوقرة في تصريح صحفي، أن ترويج مثل هذه الادعاءات ليس سوى دليل على تأزم الأوضاع داخل وزارة الداخلية، مشددا على أن ما صرح به الرزقي يمثل "نقطة سوداء" وضربا لمعنويات دولة كاملة، وفق تعبيره. ودعا في السياق ذاته القضاء للتدخل والحسم في هذه "الترهات"، مفيدا "بوجود وفاق اجرامي داخل الوزارة مدعم من قيادات أمنية"، وفق قوله.