جدل واسع طفح خلال اليومين الأخيرين إثر تداول مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام صورا لقيادات من حزب نداء تونس ، خلال حفل توسيم مجموعة من الإطارات الأمنية، ،قبل أسبوعين من موعد أول انتخابات بلدية تشهدها البلاد بعد الثورة. وقد عمت حالة استنكار وغضب شديدين في صفوف التونسيين الذين اعتبروا الحادثة بمثابة انتهاك صارخ لمبدأ تحييد المؤسسة الأمنية عن التجاذبات السياسية والمعارك الانتخابية للأحزاب، ولعل سماح قانون الانتخاب الجديد في تونس للقوات الحاملة للسلاح، بالانتخاب لأول مرة في تاريخ المؤسسة الأمنية زادت من حدة المسألة حيث اعتبر البعض أن ذلك يصب في خانة استمالة الأمنيين إلى صف نداء تونس . وتداول نشطاء التواصل الاجتماعي، على نطاق واسع، صورا للنائب عن نداء تونس حسن العماري وهو بصدد توسيم بعض القيادات الأمنية في إطار الاحتفال بالذكرى 62 ل"عيد قوات الأمن الداخلي" في تونس، وأخرى لقيادي بذات الحزب ومرشح الدائرة البلدية ب"أريانة" عن قائمة نداء تونس أنيس معزون، خلال تكريمه أحد القيادات الأمنية العاملة في إدارة السجون والإصلاح. في الأوساط السياسية، عبر الحزب الجمهوري عن استنكاره لما وصفه ب "التجاوز الخطير والتدخل السافر" بين الحزب الحاكم وأجهزة الدولة، بالتزامن مع بدء الحملات الانتخابية للأحزاب، التي منح فيها القانون و لأول مرة للقوات الحاملة للسلاح حق التصويت. وطالب الجمهوري في بيان له، وزارة العدل بفتح تحقيق جدي وسريع للكشف عن ملابسات حفل التوسيم، مشددا على اعتبار الحادث "تهديدا واضحا لحياد القوات الحاملة للسلاح و يتعارض مع أحكام الدستور و القوانين الجاري بها العمل، و يدخل تحت طائلة التأثير المباشر على أفرادها للتصويت لقائمة الحزب الحاكم"، حسب نص البيان. واعتبر الأمين العام للحزب الجمهوري عصام الشابي أن ما قام به أحد مرشحي نداء تونس على دائرة أريانة من توسيم لقيادات الأمن الوطني بمناسبة ذكرى تونسة الأمن الوطني، هو تجاوز خطير بكل المقاييس ومخالف لكل الأعراف والقوانين خصوصا بعد أن منح القانون للقوات الحاملة للسلاح بالتصويت خلال الإنتخابات البلدية. وأضاف الشابي" أن هذه الممارسات خط҄ة على الإنتقال الديمقراطي وعلى حياد الإدارة". وطالب عصام الشابي الهيئة العليا للإنتخابات بالتدخل الفوري والعاجل لردع مثل هذه المخالفات التي تكرس تداخل الدولة بالحزب وإلغاء مشاركة هذه القائمة في الإنتخابات الجارية . كما طالب وزارة العدل بفتح تحقيق جدي وسريع في الحادثة وكشف ملابساتها. وقال الشابي إن الحزب سيحشد كل القوى من أجل التصدي لمثل هذه الممارسات التي تريد أن ترجع بتونس إلى مربع الحزب- الدولة، مشددا أن الحزب سيتجه إلى القضاء من أجل وقف هذه الممارسة ومعاقبة مرتكبها إن تخلت الأطراف المعنية على إتخاذ القرارات المناسبة . ومن جانبه، قال القيادي بالجبهة الشعبية زهير حمدي في تصريح ل"الشاهد" ، الأحد 22 أفريل 2018، أن توسيم مجموعة من الإطارات الأمنيّة قبل نحو أسبوعين من موعد أولى انتخابات بلدية من قبل قيادات بحزب نداء تونس ، يمسّ من حياد المؤسسة الأمنية باعتباره يُمثل اختلاطا بين الحزب و الإدارة . و أضاف " ما أقدم عليه قيادات نداء تونس يُمثّل تهديدا جديّا لمبدأ أساسي وهو حياد الإدارة و توظيف سلك الأمن في الانتخابات البلدية." و دعا زهير حمدي الهيئة العليا المستقلة الانتخابات إلى أخذ موقف من هذه الممارسات خاصّة و أن ذلك قد يمسّ من نزاهة الانتخابات البلديّة و قد يؤثّر على مسارها، قائلا" على الهيئة أن تتخذ الاجراءات الكفيلة لردع هذه الممارسات حتّى لو اقتضى ذلك اسقاط قائمة أريانة لنداء تونس ." بدوره أكد النائب المستقل في البرلمان ياسين العياري، توجيه مساءلة كتابية لوزير العدل لما أسماه ب "التدخل الخطير واللامقبول بين الحزب الحاكم ومؤسسة السجون والإصلاح". وفي السياق ذاته، حذر الناطق الرسمي لنقابة قوات الحرس الوطني مهدي بوقرة في تدوينه له مما أسماه "حملة الأحزاب لاستقطاب ما بقي من هيبة الدولة لإسقاطهم في مستنقع التحالفات". واعتبر بوقرة، الحادثة "بمثابة نقطة سوداء ممن استغلوا فرحة الأمنيين بالتوسيم ودخلوا الثكنات الأمنية والمقرات وبينهم أشخاص مرشحة للانتخابات البلدية". وفي رده على الاتهامات التي وجهت له ولحزبه بخرق القوانين الانتخابية والدستور، أكد القيادي في نداء تونس حسن العماري أن ماقام به من تكريم لبعض القيادات الأمنية، هو أمر طبيعي ولا يمثل أي خرق أو تجاوز للقوانين. وتابع " توسيمي لبعض القيادات الأمنية، احتفالات بعيدهم الوطني، بصفتي نائبا عن مجلس الشعب قبل أن أكون قياديا في نداء تونس، هو أمر معمول به لدى أغلب النواب، وليس فيه أي إخلال بالقوانين أو ضربا لمبدأ حيادية المؤسسات الأمنية عن الأحزاب". مقابل ذلك، شدد العماري، على أن الصورة الثانية المتداولة لمرشح نداء تونس عن قائمة أريانة أنيس معزون، أثناء تكريمه لأحد الأمنيين في السجون والإصلاح، هي صورة قديمة تعود لسنة 2016 وتم استغلالها من قبل من وصفهم ب "ميليشيات إعلامية الكترونية "، بهدف ضرب مصداقية الحزب، قبل موعد الانتخابات البلدية ولتصفية حسابات شخصية مع النائب ذاته. في المقابل، أكد رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات محمد التليلي منصري، السبت 21 أفريل 2018، ان الهيئة لم تتوصل بعد بتقرير مراقبيها حول حادثة توسيم أنيس معزون المرشح الثاني في قائمة حزب حركة نداء تونس بدائرة أريانةالمدينة، أحد ضباط الأمن من سلك السجون والاصلاح بمناسبة الاحتفال بالذكرى 62 لعيد قوات الأمن الداخلي رافضا التعليق عليها. وقال المنصري إن الهيئة المركزية ستقرر في الآجال المحددة اذا كانت تُعتبر مخالفة واستغلالا للأمنيين في الحملة الانتخابية أم لا. وأوضح أن الهيئة ستتسلم كل مخالفات القائمات من مراقبيها للبتّ فيها، لافتا إلى أنها ستتخذ اجراءاتها في صورة ثبت ان للمخالفة تأثيرا جوهريا وحاسما في فارق الاصوات والنتيجة.