لم تهدأ الساحة السياسية في تونس منذ إعلان تصويت البرلمان الأوروبي على إدراج تونس ضمن القائمة السوداء للدول الأكثر عرضة لمخاطر غسيل الأموال وتمويل الإرهاب، بعد أيام قليلة من إدراجها من قبل الاتحاد الأوروبي في قائمته السوداء للملاذات الضريبية التي شطب اسمها منها أواخر جانفي. و لئن اعترضت تونس على قرار إدراجها ضمن القائمات السوداء للاتحاد الأوروبي، فإن ذلك لم يغير شيئا على الساحة سيما و أن تونس تمر بمرحلة جد حساسة على جل الأصعدة و في أمسّ الحاجة للدعم الأجنبي ولاستقطاب المستثمرين اليها ، و الحال أن ورود اسمها ضمن هذه القائمات يؤثر بشكل مباشر على ذلك ويقلل حظوظها بالحصول على المساندة. وفي خضم هذا الشأن، أكّد رئيس الحكومة يوسف الشاهد في تصريح لموزاييك أنّ المساعي جارية لإخراج تونس من القائمة السوداء للدول أكثر عرضة لتمويل الإرهاب وتبييض الأموال. وقال الشاهد " خلال لقائنا بمسؤولي البرلمان الأوروبي والبرلمانين الهولندي والبلجيكي أكّدنا ان هذا التصنيف لم يكن منصفا لتونس خاصة وانّها بصدد العمل على الاستجابة لطلبات مجموعة العمل المالي". وتابع "وقد عرضنا عليهم مدى تقدّم تونس في ذلك على غرار مشاريع القوانين التي تمت إحالتها لمجلس نواب الشعب والمتعلقة بمكافحة الإرهاب وغسل الأموال ومشروع قانون السجل التجاري، ومن المنتظر أن يتم إخراج تونس من هذا التصنيف في نوفمبر "2018، حسب ما نلقه مبعوث موزاييك ناجي الزعيري. يذكر أن الحكومة قد طلبت مؤخرا من مجلس نواب الشعب تعديل عدد من القوانين، من بينها قانون مكافحة الإرهاب ومنع غسيل الأموال، في مسعى لتدارك وضعها وللتخلص من تصنيفها ضمن القائمات السوداء. وجاءت هذه الخطوة بعد نحو 3 أشهر من تصنيف تونس في القائمة السوداء للدول الأكثر عرضة لتمويل الإرهاب وغسيل الأموال، وفي قائمة الدول التي تعد ملاذا ضريبيا. وفي خضم هذا الشأن، قال الناطق باسم الحكومة إياد الدهماني، إن "الحكومة قدمت للبرلمان روزنامة تشريعية تضم قوانين ذات أولوية تتطلب مراجعة وتعديلا في علاقة بالتصنيفات التي عرفتها تونس مؤخرا". وأوضح الدهماني أن "من بين هذه القوانين التي تتطلب تعديلا قانون مكافحة الإرهاب ومنع غسيل الأموال والسجل التجاري والعديد من القوانين المتعلقة بالبنوك العمومية وتعزيز دعائمها". ومن جانبه، قال رئيس لجنة التشريع العام بالبرلمان الطيب المدني إن "نواب المجلس ناقشوا مع رئيس الحكومة مسألة التعديل وهو يمس أساسا غسيل الأموال لأن العلاقة بينه وبين الإرهاب تكاد تكون حتمية". و تابع القول إن "كل إرهابي هو بحاجة لأشخاص لديهم أموال بالعملة الصعبة أو إلى تبييض الأموال عبر واسطة"، مشيرا إلى أن "دعوة الحكومة لتعديل القانون تخدم مسألة مكافحة الإرهاب". ولفت المدني الى أن "لجنة التشريع العام بالبرلمان مطالبة بالنظر في التعديلات ووضعها على جدول أعمالها"، مستدركا "لكن حاليا الأولوية لقانون التصريح على المكاسب والإثراء غير المشروع وتضارب المصالح بالقطاع العام". وتضافرت جهود عديد الأطراف لإخراج تونس من القائمة السوداء لتبييض الأموال وتمويل الإرهاب، وكان رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي قد زار مؤخرا مقر مفوضية الاتحاد الأوروبي في بروكسال حيث تم استقباله من طرف فريديريكا موغريني ، الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية. وتناول اللقاء الانتقال الديمقراطي في تونس و دعم الاتحاد الأوروبي لهذا المسار. وقد أكد راشد الغنوشي خلال اللقاء على أهمية العلاقات التونسية الأوروبية وعلى دعمه لتونس على جميع المستويات خاصة في المجال الاقتصادي، كما حض المسؤولة الأوروبية على سحب تونس من القائمة السوداء التي أُدرجت فيها أخيرا بالنظر الى ان الحكومة التونسية تعمل بجدية على محاربة تمويل الاٍرهاب و تبييض الأموال.