جدل وضجة واسعان طفحا على الساحة السياسية خلال الأيام القليلة الماضية مع مناداة بعض الأطراف السياسية بمقاطعة الانتخابات البلدية المزمع إجراؤها يوم غد الأحد 6 ماي. وقد خلقت هذه الدعوات ضجة كبيرة في الساحة الاعلامية وعلى منصات التواصل الإجتماعي، و استنكر نشطاء هذه الدعوات التي اعتبروها تقطع مع الديمقراطية على اعتبار أن الانتخاب حق يكفله الدستور . وفي خضم هذا الشأن، دعت القيادية بحركة النهضة فريدة العبيدي الناخبين إلى المشاركة في الانتخابات البلدية التي ستجرى بعد غد الاحد 6 ماي . و قالت في تصريح ل"الشاهد" الجمعة 4 ماي 2018، ان الانتخابات البلدية حق وواجب كفله الدستور و المشاركة فيها ترشيدٌ للعملية الانتخابية و تطبيق للحياة السياسية، بغضّ النظر عن الاحزاب المشاركة في هذا الاستحقاق." و أعربت فريدة العبيدي عن استنكارها دعوات المقاطعة التي تقودها بعض الأطراف التي تودّ ترذيل الحياة السياسية و التشكيك فيها، قائلة " هناك أصوات لا ترغب في إنجاح المسار الديمقراطي." و أكدت القيادية بحركة النهضة أنّ عملية البناء السياسي تحتاج إلى صبر و تضحية لكي نتوصل الى بناء قاعدة من الاحزاب و من المجتمع قادرة على مسك الحياة السياسية ، على حدّ قولها. ومن جانبه، كتب هشام عجبوني القيادي في حزب «التيار الديمقراطي» تحت عنوان « علاش المقاطعة هي الحماقة التي تجعلك تبدو ذكيا؟»: «لا يختلف الأمر كثيرا عندما تكون نسبة المشاركة في التصويت 30 في المئة أو 80 في المئة، ففي كلتا الحالتين يوم 6 ماي سيتم اعلان نتيجة الفرز وسيُعلن عن أسماء الأحزاب الفائزة، وحسب القانون والدستور سيتم اعطائها مفاتيح الحكم، وستمارس صلاحياتها كاملة بدون أي مشكل أو نقص». وأضاف: «لا يستحق الأمر الكثير من الذكاء كي نفهم أن المنظومة الحاكمة تفضل أن تكون نسبة مشاركة ضعيفة في البلديات، وكل أذرعها الإعلامية تعمل ما في وسعها كيف لا يذهب المواطن للتصويت (...) الحليف الموضوعي للفساد والسلبية والعدمية هم الثوريون الجالسون فوق الربوة ولم يجدوا من يمثلهم في 53 ألف مترشح وينتظرون عمر بن الخطاب أو أنغيلا ميركل كي يترشحان لانتخابهما!». فيما دوّن الباحث سامي براهم تحت عنوان «مفارقات»: «الدّعوة إلى مقاطعة الانتخابات تجمع حزب التّحرير والسلفيّة التّكفيريّة المزيّفة وتيّار المحبّة وعدداً من فقيهات الحداثة وفقهاء النّمط واليائسين من مسار الانتقال الدّيمقراطي. جميعهم لا يثقون في الدّيمقراطيّة والخيار الانتخابي. جميعهم يعتبرون الشّعب غير مؤهّل لممارسة حقّه في إدارة الحكم المحلّي. اختلفت مرجعيّاتهم (دينيّة، أيديولوجيّة، نفعيّة) والنّتيجة واحدة: الدّيمقراطيّة لا تصلح للتّونسيين والتّونسيّات. والشّعب سيسفّه هذه التصوّرات العدميّة وينزل بفطرته المواطنيّة رغم كلّ الإكراهات والتعثّرات وعدم الرّضى ليساهم في وضع حجر الأساس لبناء أوّل تجربة للحكم المحلّي في تاريخ البلد». ومن جهتها، نشرت الباحثة رجاء بن سلامة تدوينة على حسابها بموقع التواصل الاجتماعي فايسبوك جاء فيها : «الدّكتورة ألفة يوسف، تجدّد إعلان مقاطعة الانتخابات، وهذه المرّة لأنّ الواقع سيّء جدّا والبلاد غير مؤهّلة للدّيمقراطيّة، وفيها إسلاميّون يبثّون شرورهم. سننتخب إذن عندما يظهر مهديّ منتظر يملأ الدّنيا خيرا، دفعة واحدة، بعد أن ملئت جورا بسبب الثّورة التي تسميّها «ثورة البرويطة»، ويضع كلّ الإسلاميين في السجون أو يطردهم من البلاد. تفكير ثنويّ ذو طبيعة دينيّة، ويحتقر الدّيمقراطيّة. هذا واضح. لكنّ صاحبة دعوة المقاطعة ترشّحت في هذا الواقع الرّديء إلى انتخابات داخل الجامعة، وأصبحت تفتخر بكونها عميدة منتخبة. أردت التّنبيه إلى هذا التّناقض. تترشّح لانتخابات تؤهّلها للعمادة، وتقاطع وتدعو إلى مقاطعة انتخابات تؤهّل غيرها لإدارة الجماعات المحلّيّة». جدير بالذكر أن عدد من الأحزاب السياسية على غرار «الاتحاد الوطني الحر» وحركة «وفاء» و»تيار المحبة»، فضلاً عن حزب «التحرير» الإسلامي، أعلنت مقاطعتها للانتخابات البلدية، مبررة ذلك ب»انعدام الاستقرار الأمني وعدم وضوح المهام التي ستُوكل للمجالس البلدية» نتيجة عدم المصادقة على مجلة الجماعات المحلية التي تنظم الحكم المحلي في البلاد، ورغم أن هذه الأسباب (وخاصة المصادقة على المجلة) انتفت، إلا أن هذه الأحزاب أصرت على مواصلة المقاطعة، حيث اعتبر بعضها أن هذه الانتخابات تم «تفصيلها» على مقاس حزب «النداء و»النهضة». كما دعت شخصيات عدة إلى مقاطعة الانتخابات، حيث كتبت الباحثة ألفة يوسف على حسابها في موقع «فيسبوك»: «شكراً للمؤسسة الأمنية والعسكرية على مقاطعة انتخابات العار. أنتم السابقون ونحن اللاحقون بإذن الله». وأضافت في تدوينة لاحقة «لتحكم النهضة مباشرة لنقتلعها، أنا أرفض التطبيع معهم لأن هذا ما ينشدونه. ليس بالانتخابات البلدية ستحل مشاكل المنظومة». ودوّنت الباحثة عائدة بن كريم «المُقاطعة ممارسة مؤسسة على تقييم للوضع الذي أوصلتنا إليه إنتخابات 2014 هي تعبير عن موقف «رافض» لمآلات «التوافقات» . هي صفعة في وجه المُتصالحين والمُطبّعين والمُفسدين والمُزوّرين والمرتعشين وقطّاع الطرق الذين تحوّلوا بقدرة «التوافق» إلى زعماء ورؤساء وقادة أحزاب. هي صرخة إنذار لمن خوّلت له نفسه التلاعب باستحقاقات أصحاب الثورة والتنكّر لمن مهّد لهم الطريق لركوب «الموجة» وتصدّر المشهد». وأضافت: «تداعيات حركة المقاطعة ستجعل الطبقة السياسية الحالية (موالاة ومعارضة كلّهم الشيء نفسه) تقرأ ألف حساب لحزب المُقاطعين. انتخابات 2019 ستكون بلون حركة المُقاطعة. قاطع واعطيهم صفعة ربما يتربّون أو ينقرضون. والمحطّات القادمة ستكون لحزب الأغلبية (حزب حركة المُقاطعين)».