ما انفكّ الوضع المالي في تونس ينحدر نحو منزلق حرجٍ، في ظلّ تراجع إيرادات عديد القطاعات الإقتصادية التي تعتمد عليها البلاد ، فضلا عن تراجع قيمة الدينار أمام العملات الرئيسية ، في الوقت الذي تطالبُ به بتحقيق التوازن الاجتماعي و الاقتصادي و المالي .. و قد خلق تآكل مخزون البنك المركزي من العملة الصعبة عديد المخاوف على الصعيد المالي ، خاصة أمام التراجع المستمر لقيمة الدينار التونسي ممّا أثر على القدرة الشرائية للتونسيين و بالتالي على الوضع الإجتماعي عامّة .. وقد سلط محافظ البنك المركزي خلال الأيام القليلة الماضية الضوء على مؤشرات تونس الاقتصادية واصفا إياها ب"المخيفة" والعاكسة عمق الأزمة في البلاد. ولفت العباسي الى أن عجز ميزان المعاملات الجارية بلغ عشرة بالمئة للمرة الأولى، مضيفا أن البنك لا يمكنه الدفاع عن الدينار في ظل تراجع الاحتياطيات الأجنبية إلى مستوى لا يكفي إلا لتغطية واردات أقل من 80 يوما. و في خضم هذا الشأن، قال الخبير الاقتصادي عز الدين سعيدان إن تونس وقعت في فخ خطير جدا، بسبب الحكومات المتعاقبة. وأضاف أن الدين الأجنبي الإجمالي في القطاعين الخاص والعام يساوي حوالي 85 بالمائة من الناتج الداخلي الإجمالي من حجم الاقتصاد، متابعا أن هذا يعني أن تونس تشتغل الآن لدفع الدين الأجنبي. وأوضح أن مستوى الدين الذي بلغته تونس، يتطلب نسبة نمو ما بين 6 و10 بالمائة للخروج جزئيا منه. وحول أسباب ارتفاع الدين العمومي، لفت الخبير الاقتصادي الى أن أول سبب هو التباين الكبير بين النمو الاقتصادي ونفقات الدولة، حيث أن تونس لم تفزر أي نمو اقتصادي يذكر منذ 2011، مقابل ارتفاع نفقات الدولة بمعدل 10 بالمائة سنويا لتبلغ سنة 2017 نسبة 17.2 بالمائة. وثانيا، أوضاع الميزان التجاري التونسي الذي بلغ عجزا غير مسبوق قدّر سنة 2017 ب15.6 مليار دينار، يسدّد بالعملة الأجنبية ومن الدين العمومي. أما السبب الثالث، فهو الأوضاع الاقتصادية الصعبة الذي تسببت في تدني قيمة الدينار وبالتالي تفاقم الدين العمومي الأجنبي مقابل الدينار. ورابعا الارتفاع المشط في كلفة الدين العمومي حيث بلغ هامش الدين 6 بالمائة الآن، مبينا أن هذه الأوضاع الصعبة جعلت البلاد تقترض بشروط مشطّة، إلى جانب الأوضاع الاجتماعية الصعبة من الإضرابات والاعتصامات والطلبات المشطة والزيادات في الأجور التي تحولت بصفة آلية إلى تضخم مالي وتفاقم في الدين الأجنبي. وسادسا وأخيرا، عجز صناديق الضمان الاجتماعي عن صرف جرايات التقاعد، ومطالبتها ميزانية الدولة بضخ أموال متأتية من التداين كل سنة لصرف الجرايات.