في ظلّ محدودية القطاع الطاقي في البلاد والعجز الذي بات يتهدد القطاع في السنوات القليلة القادمة سيّما بعد توقعات ببدء تراجع إنتاج النفط والغاز ، تسعى الحكومة إلى وضع الأمور في نصابها كي لا تجد نفسها أمام معضلة لا مناص لها منها ، و تضافر الخطى من أجل تنفيذ استراتيجيتها في قطاع الطاقة المتجددة، والتي ستكون الأرضية الأولى لبلورة خططها عبر جلب المزيد من الاستثمارات الأجنبية وتشجيع القطاع الخاص للدخول و الإسهام في هذا المجال… و قد لفت كاتب الدولة لدى وزير الطاقة هاشم الحميدي إلى أن العجز الطاقي في تونس تفاقم جدا ليتجاوز ال 50% مبينا أن الإنتاج في سنة 2017 بلغ 4.16 مليون طن مكافئ نفط، مقابل استهلاك يقارب ال 9 مليون طن مكافئ نفط. وذكر الحميد خلال جلسة استماع له بلجنة الصناعة والطاقة بالبرلمان لمناقشة مشروع قانون يتعلق بالموافقة على الملحق عدد 3 المنقح للاتفاقية وملحقاتها الخاصة برخصة البحث عن المحروقات التي تعرف برخصة " برج الخضراء"، أن تونس كانت تنتج في سنة 2010 حوالي 7 مليون طن مكافئ نفط ولا تستهلك سوى 8 مليون طن مكافئ نفط . و كانت وزارة الطاقة والمناجم والطاقات المتجددة قد أعلنت الأسبوع الفارط عزمها على إطلاق مناقصات دولية لتمويل مشاريع طاقة بديلة بعدد من جهات الوسط و الجنوب بقيمة 25.1 مليار دولار أي ما يعادل 3160 مليارا، بهدف توفير آلاف الميغاوات من الطاقة الإضافية وتلبية الحاجيات المتزايدة من الكهرباء. و تم التأكيد في هذا الإطار على أن الوزارة تبحث جملة من الحلول التمويلية لمشاريع الطاقات المتجددة، سواء عبر الشراكة بين القطاعين العام والخاص أو من خلال مساهمات من صندوق الودائع والأمانات. كما بين وزير الطاقة انه سيتم تمويل قسط من هذه المشاريع بالدينار التونسي، وكذلك بالتعاون مع مستثمرين تونسيين وأجانب في إطار شراكة بين القطاعين العام والخاص، لا سيما الشركة التونسية للكهرباء والغاز التي انطلقت منذ سنوات في تطوير تجربة إنتاج الكهرباء عبر طاقتي الشمس والرياح. يذكر أن الاستعداد لإطلاق أكبر مناقصة طاقة في تاريخ البلاد يتزامن مع تحذيرات البنك المركزي التونسي من مخاطر توسع عجز الطاقة أمام الارتفاع المتزايد لأسعار النفط في السوق العالمية الذي وصل إلى 80 دولارا، خصوصا و أن البنك أشار إلى أن العجز الطاقي أصبح هيكلياً، وينبئ بمخاطر كب҄ة بسبب تراجع الإنتاج المحلي، داعياً إلى تنشيط مشاريع الاستكشافات الجديدة والطاقات البديلة. وتطمح تونس إلى إنتاج 12 بالمئة من حاجتها الطاقية عبر المصادر المتجددة بحلول 2020، وفق ما أكده المدير العام للشركة التونسية للكهرباء والغاز المنصف الهرابي . و قد بلغت واردات الطاقة خلال السنوات السبع الأخيرة نحو 45 بالمئة، مع انخفاض في معدل إنتاجها، الذي من المتوقع أن يصل إلى ما دون 15 بالمئة بحلول 2030، لتجد الحكومة نفسها مجبرة على تحفيز قطاع الطاقة البديلة للضغط على كلفة إنتاج الكهرباء، وذلك بهدف الحد من الإخلال الذي يسببه ذلك على التوازنات المالية للبلاد، والتي تشكو عجزا متفاقما منذ سنوات. وتعتزم البلاد رفع الإنتاج إلى حدود 30 بالمئة من الطاقة المتجددة بحلول عام 2030 وذلك بإحداث مشاريع ضخمة في مجال الطاقة الشمسية. ولا يتجاوز إنتاج الطاقة البديلة حاليا ال4 بالمئة من حاجيات البلاد ، أيا ما يعادل 148 ميغاواط فقط ، وفق البيانات الرسمية .