يبدو أن المرحلة الحالية ، في علاقة بكلّ من الاتحاد العام التونسي للشغل والحكومة، أشبه بمرحلة الهدوء الذي يسبق العاصفة، لاسيّما وأن المركزية النقابية لم تتوقف، طوال الأشهر الأخيرة، عن التأجيج و التهديد بالتصعيد في حال لم يقع "ضخ دماء جديدة" في الحكومة مطالبة بصريح العبارة بتعيين "ربّان" جديد يقود البلاد أو أنها ستنتهج منهجا تصعيديا لا تحمد عقباه.. الأمين العام للمنظمة الشغيلة نورالدين الطبوبي، الذي عودنا، بالخروج بشكل شبه يومي إلى الإعلام بخطاباته التأليبية ضد الحكومة، اكتفى، منذ تعليق الاجتماع المتعلق بوثيقة قرطاج2 التي تنص على برنامج عمل وأولويات الحكومة خلال المرحلة القادمة، بتصريح مقتضب أكد فيه عدم التزام اتحاد الشعب بأي شيء و بمنشور على موقع التواصل الاجتماعي فايسبوك أكد فيه اعتزام منظمته ترك مسافة بينها وبين الصراعات السياسية ونأى بها عن الخلافات الداخلية لحزب النداء رغم أنه دعم موقف الحزب في ضرورة تغيير رئيس الحكومة. موقف الطبوبي وإقراره بأن الاتحاد سيقف جانبا جاء مستغربا، لا سيّما وان أول طرف طرح مسألة ضرورة تغيير الحكومة هو اتحاد الشغل، الأمر الذي فسره متابعون بأن المركزية النقابية ارتأت ، في هذه المرحلة بالذات، انتظار موقف رئيس الجمهورية وتأمل ما ستؤول إليه الأوضاع لتأليف موقف واضح. وبغض النظر عن هذه المسألة البحتة المتعلقة بطاقم الحكومة، فإن ترسانة من الخلافات الحادة تسود العلاقة بين الحكومة والاتحاد بشأن خطط إصلاحية في القطاع العام ومطالب اجتماعية قطاعية. كما أنه من المتوقع أن واصل اتحاد الشغل الضغط على الفريق الحكومي بخصوص إصراره على عدم التفويت في المؤسسات العمومية، على اعتبار تصريح نورالدين الطبوبي القائل إن المؤسسات العمومية "خط أحمر". ومن المتوقع أن يستمر الصراع بين الحكومة والاتحاد مع اقتراب مفاوضات الزيادة في الأجور. واعتبر الاتحاد أن الحكومة غير جادة في المفاوضات الاجتماعية كما يتهمها بالرضوخ للصندوق الدولي الذي يطالب تونس بسن إصلاحات قاسية لإنعاش الاقتصاد المتردي. كل هذه النقاط الخلافية دفعت عددا من المتابعين إلى الجزم بأن المركزية النقابية ستبقى على موقفها من حكومة الشاهد، إلا إذا كانت هناك تطورات كتعهد الحكومة بعدم تنفيذ إملاءات الصندوق، وهو ما يعدّ شبه مستحيل في ظل الضغط الذي يسلطه صندوق النقد على تونس بناء على شروط منحه أقساط قرضه لها.