مع انطلاق الانتخابات صلب المجالس البلدية المتعلقة بتنصيب رؤساء المجالس ونوابهم، طفح جدل واسع على السطح وطغت عديد التساؤلات على الساحة السياسية، أمام بروز عديد التحالفات والتوافقات بين مختلف القائمات الحزبية في عدد من البلديات في الوقت الذي تتسم فيه العلاقة بين أحزابهم المركزية بالتضاد والصدام حد التنافر. الجدل انطلق بعملية التوافق التي شهدتها بلدية العروسة بين كل من قائمة حركة النهضة وقائمة الجبهة الشعبية، لتثير ضجة واسعة في المشهد السياسي. و كان ممثلو قائمتي النهضة والجبهة الشعبية قد أعلنوا في بيان سمي ب" التوافقي" عن تحالفهم لادارة المجلس البلدي بالعروسة التابعة لولاية سليانة ومسقط رأس زعيم الجبهة الشعبية حمّة الهمامي. وجاء في البيان انه تم التوصل الى اتفاق بين" الفائزين بمقاعد المجلس البلدي بالعروسة عن قائمة النهضة والجبهة وبعد صدور النتائج النهائية للانتخابات البلدية " وان ذلك ياتي من منطلق الحرص " على توفير كامل ظروف النجاح لانطلاق اعمال المجلس البلدي في مناخ ايجابي يخدم مصلحة العروسة اولا واخرا". ويتضمن الاتفاق على رئاسة البلدية ومساعديه الاول والثاني والرابع علاوة على رؤساء لجان المالية والطفولة والشؤون الادارية والاشغال والتهيئة الترابية والشؤون الاجتماعية والفلاحة والصحة والنظافة. وقد تم الثلاثاء 26 جوان 2018، انتخاب رئيس قائمة الجبهة الشعبية، شوقي الرياحي، رئيسا لمجلس بلدية العروسة من ولاية سليانة، المتكوّن من 12 عضوا، وذلك بإشراف كاتب عام ولاية سليانة الهادي الحمداوي وبحضور قاض. كما تم انتخاب المساعدين الأربعة لرئيس البلدية وهم إكرام بالشيحي من الجبهة الشعبية ومنوبي الوسلاتي من النهضة وريم بن مالك من النهضة وإدريس الجلاصي من نداء تونس، كما تم تركيز 9 لجان قارة ولجنة أخرى غير قارة واسناد رئاسات اللجان الى الأعضاء بالتوافق والتراضي والتصويت علنا برفع الايدي. وجدير بالذكر أن انتخابات 6 ماي 2018 ، أسندت 4 مقاعد للجبهة الشعبية و3 مقاعد للنهضة ومقعدين لنداء تونس ومثلهما للقائمة المستقلة "أبناء العروسة" ومقعد واحد لقائمة "الصمود" وهي مستقلّة أيضا. ومن المفارقات ان الجبهة التي سبق ان أعلنت تبرأها من تحالف قائمتها بالعروسة مع حركة النهضة لادارة المجلس البلدي بالجهة ، رحبت برئاسة البلدية ونشرتها على صفحتها الرسمية بموقع "فايسبوك" في وقت يفترض الانسجام السياسي عدم الاعتراف بالفوز برئاسة بلدية لم تكن لتؤول إليها لو لا التحالف مع قائمة النهضة. من جانب آخر ، جدل كبير يطوق، خلال اليومين الاخيرين، عمليات التوافق بين كل من التيار الديمقراطي ونداء تونس في عدد من البلديات. و في هذا الاطار،، عمد المكتب السياسي للتيار الديمقراطي تجميد عضوية 5 مستشارين بلديين بعد أن صوتوا لمرشحي حركتي "نداء تونس" و"النهضة"، لرئاسة بلديتي "سيسب" بولاية القيروان و"كسرى" بولاية سليانة، وإحالتهم على لجنة النظام. وبيّن الأمين العام للحزب غازي الشواشي، ، أن ما أقدم عليه هؤلاء المستشارون يعد خرقا سافرا لقرار المجلس الوطني للحزب، القاضي بعدم عقد أي تحالفات مع الحزبين الحاكمين، حماية لمجالس البلديات المنتخبة من تصدير الفشل المركزي إليها ودعما لكفاءات تيارية أو اجتماعية ديمقراطية متحزبة أو مستقلة لتحمل المسؤولية. وفي الصدد ذاته، دحض تنصيب المجالس البلدية في عديد المناطق قرار حركة نداء تونس بعدم التحالف مع حركة النهضة، ليتضح أن غالبية المجالس المنصبة تمت بتنسيق بينهما وفي انسجام تام بحسب توزيع القوى والمصالح المحلية. وفي هذا الاطار ، هاجمت النائب المستقيل من حزب نداء تونس صابرين قوبنتيني التحالف بين "نداء تونس" و"النهضة" في عدد من البلديات ومن بينها بلدية رواد في ولاية أريانة، التي أهدى "نداء تونس" رئاستها إلى حزب "النهضة"، على حد قولها، في وقت كان يمكنه التحالف مع القوى التقدمية والمستقلين. ولفتت إلى أن "قيادات نداء تونس تتشدق بفك الارتباط مع النهضة وحديث المراجعات"، داعية إلى ضرورة الحذر وعدم تصديقهم لأنهم لا عهد لهم ولا ميثاق، وبالخصوص الراغبين في الحصول على مسؤوليات تحوم حولهم شبهات فساد"، على حد تعبيرها.