في ظلّ متغيّرات المشهد السياسي المتقلب الذي تعيش على وقعه البلاد، تبدو الرؤية حول خفايا المرحلة القادمة من مستجداتٍ غير واضحة نوعًا ما، ولا يزال الحديث عن مآل حكومة يوسف الشاهد متواصلا، في ظل المشهد السياسي الذي تطوقه التساؤلات عمّا إذا ستستانف مشاورات وثيقة قرطاج 2 أم أن تعليقها سيطول أكثر بعد، لاسيما أمام مواصلة الاتحاد العام التونسي للشغل تعنته فيما يخص مصير الحكومة. و عاد اتحاد الشغل الى شن هجوم فعلي على الحكومة، من جديد، والاستعداد لمواجهتها على الأرض، داعياً "الشغالين للاستعداد للدفاع عن حقوقهم بكل الطرق المشروعة". واعتبر الاتحاد، في بيان، أن الزيادة الحاصلة في المحروقات والزيادات اللاحقة المبرمجة "التي أملتها الدوائر المالية العالمية على الحكومة"، ستزيد الأثقال على كاهل الشعب وتأزيم وضع المؤسّسات الاقتصادية التونسية، وإدخال البلاد في دوامة زيادات ستؤدي إلى مزيد من تدهور المقدرة الشرائية للشعب وتسريع وتيرة التهريب والسوق الموازية وتوسيع نطاقهما. وحذر من أي إجراء إضافي يؤدي إلى رفع أسعار المواد الأساسية، بما فيها المواد المدعومة والأدوية، وكذلك الخدمات الاجتماعية كالنقل وغيرها، ويعتبر الإقدام عليها عاملاً مباشراً لمفاقمة التوتّرات. وحمّل "الحكومة وكل الأطراف المتداخلة مسؤولية ما يمكن أن تؤول إليه الأوضاع في البلاد، خصوصاً تفاقم التوتر الاجتماعي"، مشدداً على "الحقّ في الاحتجاج بكل الطرق السلمية". و انتقد القيادي في حركة النهضة محمد بن سالم في حوار لجريدة المجهر اليوم الجمعة 29 جوان 2018 تدخل الاتحاد العام التونسي للشغل في عزل وتسمية الوزراء وتسييرهم بالكومند على حد تعبيره، قائلا إن ذلك يهدد مكسب الديمقراطية في تونس. وفي تعليقه على الجدل الحاصل بين ااتحاد الشغل والحكومة، قال إنه لا ينكر أن الاتحاد لعب دورا سياسيا مهما في مختلف المراحل من تاريخ البلاد وكانت له أدوار سياسية محمودة، متابعا "نحن لا نضع كل ما يقوم به الاتحاد في "شكارة وحدة" ولكن أن يعزل وزراء ويسمّي آخرين ويسيرهم بالكوموند فهذا غير مقبول ونحن كنا دائما في التسميات نقبل بأن يكون وزير الشؤون الاجتماعية مثلا قريبا من الاتحاد حتى تكون هناك سلاسة في المفاوضات ولكن أن يصبح للاتحاد القدرة على عزل وزير فهذا يعني أنه يتحكم في الحكومة وهذه ليست ديمقراطية وهذا يهدد أيضا مكسب الديمقراطية في تونس.." ومن جانبه، أعرب رئيس مركز دراسة الإسلام والديمقراطية رضوان المصمودي عن استنكاره تدخل اتحاد الشغل في تغيير الحكومات و تعيين الوزراء ، مُطالبا قيادات اتحاد الشغل ببناء حزب سياسي يعبر عن خياراتهم لان العمل النقابي لا علاقة له بما بممارسات و املاءات اتحاد الشغل،. و قال المصمودي موضحا " في تونس اصبح هناك تغول لثقافة المطلبية و حصول اتحاد الشغل على جائزة نوبل للسلام لا يُخول له وضع شروط مشطّة و فرض رأيه و برامجه على الدولة التي يُعتبر طرفا فيها." و لاحظ المصمودي انّ الاضرابات و الاعتصامات تُمثّل خطرا كبيرا على الاقتصاد التونسي و على الاستثمار و هذا ما سيبعد المستثمرين الذين سيلتجؤون لبلدان أخرى ، على حدّ قوله. وكان رئيس الحكومة، يوسف الشاهد، قد اكد ان المؤشرات الاقتصادية المسجلة تثبت تحسن الوضع الاقتصادي في تونس، خلال الفترة الاخيرة، كما تبرز اننا في الطريق الصحيح على حد قوله. وانتقد الشاهد، خلال المنتدى الذي نظمه المعهد العربي لرؤساء المؤسسات مؤخرا، ما يروج من تقييمات للعمل الحكومي في ما يخص الشان الاقتصادي مشيرا الى ان بعضها يفتقد الى الموضوعية والمنطق. واضاف ان الحكومة تمكنت من تحقيق ما التزمت به، في خطاب منح الثقة (اوت 2016) فيما يتعلق بالانتقال بالمؤشرات الاقتصادية الى المنطقة الخضراء في افق 2020، قبل الاجال، اذ ارتفعت نسبة النمو الى 5ر2 بالمائة خلال الثلاثي الاول مقابل 6ر0 بالمائة في الثلاثي الثاني من سنة 2016 ومن المنتظر ان تصل الى 3 بالمائة في الثلاثي الثاني من سنة 2018 كما سجلت المداخيل السياحية تطورا بنسبة 40 بالمائة بالدينار و30 بالمائة بالدولار و20 بالمائة باليورو اضافة الى توافد مليون سائح اضافي مقارنة بسنتي 2016 و2017 فضلا عن تراجع بطالة اصحاب الشهائد العليا بنقطتين وتحسن الاستثمار والميزان التجاري والتصدير (احسن سنة تصدير منذ سنة 2008). ولاحظ ان هذه المؤشرات على اهميتها لا يمكن ان تحجب صعوبة الوضع خاصة امام تواصل ارتفاع نسبة التضخم وتدهور سعر صرف الدينار معتبرا انه من الطبيعي ان يكون للاصلاحات والاجراءات المتخذة انعكاسات سلبية مؤقتة على بعض المؤشرات. واعتبر ان الاجراءات الصعبة، ولا سيما التي جاءت في قانون المالية لسنتي 2017 و2018، وقتية، كانت ضرورية لانقاذ المالية العمومية.