حدث هو الأوّل من نوعه في تاريخ بانتخاب رئيسة قائمة حركة النهضة رئيسة لبلديّة تونس لتكون أوّل إمرأة تحصل على لقب "شيخ المدينة"، حدث لم يمرّ دون إسالة الكثير من الحبر وأكثر من ذلك فقد تحوّل إلى نقطة مفصليّة تلتقي عندها استنتاجات كثيرة وتنطلق منها نقاط استفهام وجدل آخر داخل دوائر أخرى. مرشحة حركة النهضة سعاد عبد الرحيم حسمت الدور الثاني لصالحها بالحصول على 26 صوتا من أصل 48 متجاوزة بذلك مرشح حركة نداء تونس كمال إيدير ولكن الأهمّ من ذلك تمثّل في حصولها على أصوات من خارج مستشاريها تتّجه الشكوك فيها إلى مستشارين عن الاتحاد المدني بعد امتناع بقيّة المترشحين عن التصويت في الدور الثاني. تنصيب سعاد عبد الرحيم رئيسة لبلديّة تونس فجّر أزمتان خارج البلديّة الأولى داخل بعض رموز ووجوه النسويّة التونسيّة التي إحتكرت لنفسها قيم الحداثة والتقدّميّة ولم تحرّك ساكنا أمام ما صدر عن الأحزاب القريبة منها والتي رفضت ترشيح إمرأة لهذا المنصب أمّا الأزمة الثانية فداخل "جبهة الضدّ" التي بصدد التشكّل بين مكونات الائتلاف المدني ونداء تونس. قبل حتّى جلسة التنصيب خرت وجوه كثيرة تنكّرت لما ترفعه من شعارات حداثة ومساواة وتقدّميّة وتشبّثت بأنّه لا يحقّ لسعاد عبد الرحيم أن تكون رئيسة لأكبر وأقدم بلديّة في البلاد لكونها إمرأة وتواصل الجدل نفسه بعد التنصيب وليس آخره ما صدر عن الجامعيّة سلوى الشرفي التي إعتبرت أنّ "التقدّميين يرفضون سعاد عبد الرحيم". سحب تنصيب سعاد عبد الرحيم على رأس بلديّة تونس البساط من تحت من إحتكروا لأنفسهم الحداثة والتقدّميّة وأظهرهم "رجعيّين" في حين بدتحركة النهضة عمليا وفعليا أكثر الأحزاب حرصا على حقوق ومكانة النساء من مختلف المشارب والفئات والخلفيات الفكرية والسياسية، لم يكن ذلك مجرّد حدث بسيط فالنهضة نفسه كان محلّ تجريح بلغ الشيطنة من نفس هذه الوجوه بشأن قضايا المساواة والحريات وخاصة حقوق المرأة. بتنصيبها رئيسة لبلديّة تونس فجّرت سعاد عبد الرحيم أزمة متجدّدة داخل من يسمّون أنفسهم ب"العائلة الديمقراطيّة" في الوقت الذي يسعى فيه كثيرون لتوحيد الصفوف وتشكيل جبهة لتفادي هزيمة مدوية في التشريعيات والرئاسيات القادمة شبيهة بتلك التي منيت بها أحزابها في بلديات 6 ماي الفارط جاءت جلسة التصويت لتنطلق بعدها التغريدات والتصريحات التي تبادل فيها هؤلاء الإتهامات. رضا بلحاج الذي أكّد أنه طرح مبادرة "الجبهة السياسية" على رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي خرج في تصريح صحفي ليوجّه إتهامات لشق من نداء تونس قال إنه يعمل على إجهاض توحيد "الجبهة الديمقراطية" وخصّ بالذكر رئيس كتلة نداء تونس سفيان الذي كان بدوره قد رحّب بمكونات الإئتلاف المدني في منظومة التوافق في تغريدة "ساخرة" على صفحته بشبكة التواصل الإجتماعي تعليقا على تفاصيل التصويت. حركة مشروع تونس أكّدت أنها ستعرض على لجنة النظام وستجمّد عضوية مستشاريها البلديين إذا ثبت أنهم صوّتوا لرئيسة قائمة النهضة سعاد عبد الرحيم في الوقت الذي إنقسمت فيه القراءات داخل قيادة نداء تونس أمّا على شبكات التواصل الإجتماعي فحرب حامية الوطيس بين مكونات الإئتلاف المدني ونداءتونس في هذا الخصوص، مقدّمات قد تجهض فعلا بناء "جبهة سياسيّة" تعاني مخاضا عسيرا للولادة بسبب وجود معوقات كثيرة قد تحول دون ولادتها.