في ظلّ متغيّرات المشهد السياسي المتقلب الذي تعيش على وقعه البلاد، تبدو الرؤية حول خفايا المرحلة القادمة من مستجداتٍ غير واضحة نوعًا ما، ولا يزال الحديث عن مآل حكومة يوسف الشاهد متواصلا، في ظل المشهد السياسي الذي تطوقه التساؤلات عمّا إذا ستستأنف مشاورات وثيقة قرطاج 2 أم أن تعليقها سيطول أكثر بعد، لاسيما أمام مواصلة الاتحاد العام التونسي للشغل تعنته فيما يخص مصير الحكومة. و أمام إصرار الاتحاد العام التونسي للشغل من جهة وعدد من المكونات الحزبية من جهة أخرى، تتجه الأزمة السياسية التي تعيشها تونس نحو الاحتكام إلى الشارع، وسط توسّع مساحة الخلافات. ولعل الاعتصام الأخير الذي يقوم به عدد من الأحزاب السياسية غير المألوفة والتي غابت تماما عن المشهد السياسي طوال السنوات الماضية دخلت بدورها على الخط، تحت تسمية "اعتصام الخلاص" هو الخطوة الأولى المعلنة عن رفض حكومة الشاهد على أرض الواقع . وكان الاعتام قد انطلق مساء السبت بساحة باردو حيث مقر البرلمان التونسي، للمطالبة برحيل الحكومة الحالية برئاسة يوسف الشاهد، وبتشكيل حكومة خلاص وطني تتألف من 15 وزيرا يتم اختيارهم حسب مجال تخصصهم. وشارك في هذا الاعتصام عدة مكونات من المجتمع المدني كانت قد بدأت تحركاتها، خلال شهر رمضان الماضي، في أعقاب الإجراءات التي اتخذتها حكومة الشاهد، وخاصة منها الإقالات التي شملت العديد من الكوادر الأمنية، وما تبعها من تعيينات أثارت حفيظة القوى السياسية وخشيتها من تداعيات ذلك على حياد المؤسسة الأمنية. وتم خلال تلك التحركات تنظيم عدة وقفات احتجاجية وسط شارع الحبيب بورقيبة ، رُفعت خلالها شعارات مناوئة للحكومة. و أكدت بثينة قرقري الناطقة الرسمية باسم تنسيقية "اعتصام الخلاص"، أن هذا الاعتصام ، هو "حراك شعبي سلمي لا علاقة له بأي حزب ولا أي أجندة ولا أي حسابات ضيقة". وقالت إن هذا الاعتصام "أهدافه واضحة لا لبس فيها، ولن يتوقف ما لم يتم تحقيق مطالبنا المشروعية، وخاصة منها رحيل الحكومة الحالية بسبب فشلها في إدارة الملفات السياسية والاقتصادية والاجتماعية". وحذرت من أن الوضع في تونس يندفع بسرعة نحو الفوضى بسبب النظام السياسي الحالي الذي وصفته ب"الهجين"، والقانون الانتخابي الذي قالت إنه "لا يعكس إرادة المواطن"، بالإضافة إلى "تشتت السلطة حتى أصبح المواطن لا يعرف من يحكم البلاد، ويدير شؤونها". من زاوية أخرى، عاد اتحاد الشغل الى شن هجوم فعلي على الحكومة، من جديد، والاستعداد لمواجهتها على الأرض، داعياً "الشغالين للاستعداد للدفاع عن حقوقهم بكل الطرق المشروعة". واعتبر الاتحاد، في بيان، أن الزيادة الحاصلة في المحروقات والزيادات اللاحقة المبرمجة "التي أملتها الدوائر المالية العالمية على الحكومة"، ستزيد الأثقال على كاهل الشعب وتأزيم وضع المؤسّسات الاقتصادية التونسية، وإدخال البلاد في دوامة زيادات ستؤدي إلى مزيد من تدهور المقدرة الشرائية للشعب وتسريع وتيرة التهريب والسوق الموازية وتوسيع نطاقهما. وحذر من أي إجراء إضافي يؤدي إلى رفع أسعار المواد الأساسية، بما فيها المواد المدعومة والأدوية، وكذلك الخدمات الاجتماعية كالنقل وغيرها، ويعتبر الإقدام عليها عاملاً مباشراً لمفاقمة التوتّرات. وحمّل "الحكومة وكل الأطراف المتداخلة مسؤولية ما يمكن أن تؤول إليه الأوضاع في البلاد، خصوصاً تفاقم التوتر الاجتماعي"، مشدداً على "الحقّ في الاحتجاج بكل الطرق السلمية". و انتقد القيادي في حركة النهضة محمد بن سالم في حوار لجريدة المجهر اليوم الجمعة 29 جوان 2018 تدخل الاتحاد العام التونسي للشغل في عزل وتسمية الوزراء وتسييرهم بالكومند على حد تعبيره، قائلا إن ذلك يهدد مكسب الديمقراطية في تونس.