تضافر تونس الجهود لخلق ثورة رقمية منقطعة النظير تشرف عليها وزارة تكنولوجيات الاتصال والاقتصاد الرقمي، وتعمل تونس جاهدة لتطوير مردوديتها في مجالات الابتكار الرقمي من خلال بعث مبادرات جديدة ومستحدثة من شأنها أن تقلب الموزاين في هذا المجال. وفي خضم هذا الشأن، اعتبر وزير تكنولوجيات الاتصال والاقتصاد الرقمي أنور معروف، في تصريح للمغرب الاثنين 9 جويلية 2018، ان قانون المؤسسات الناشئة يعتبر ثورة تحرر من قيود التمويل المعروفة والاجراءات التقليدية وأنّه يمثل رافعة أولى للمؤسسات النّاشئة بتونس ويوفر الارضية لخلق ديناميكية وطنية وعالمية. وقال إنّ هذا القانون يمكن المؤسسات والشباب من تجاوز إشكاليات التمويل بتنصيصه على بعث صندوق الصناديق بتمويل فى حدود 500 مليون دينار سيكون جاهزا سنة 2019. وأوضح الوزير، أنّ هذا الصندوق سيقوم بتأمين متطلبات المؤسسات الناشئة، من إطلاق الفكرة وحتّى الوصول بالمشروع الى مستوى مؤسسة عالميّة في كل المجالات ومنها الرقميّة. وهو يعدّ، ايضا، المرجع الوحيد للتعامل مع الادارة لتجاوز كثرة الاجراءات. ويأتي قانون المؤسسات النّاشئة، استجابة لمتطلبات الاقتصاد العالمي الجديد، الذى يشهد ثورة حقيقية يحتل فيها تبادل البيانات وشركات التكنولوجيا الرقمية النصيب الاوفر من المعاملات العالمية. وأكد أن تونس تطمح الى أن تحتل موقعا في الخارطة الاقتصادية العالمية وأن تصبح البلد الإفريقي الأول، في غضون سنة 2020، على مستوى المؤسسات الناشئة، باعتبار ما يتوفر لديها من امتيازات تفاضلية واقعية تتيح تحقيق هذا الهدف ومنها موقعها الجغرافي المميز ووجود كفاءات وطنية داخل البلاد وخارجها وذكاء تونسي. ودعا أنور معروف إلى العمل على تجاوز عدد من الاشكاليات ذات الصلة بتحسين المستوى العلمي للطلبة والقيام بمبادرات تجعل من تونس بلد المؤسسات الناشئة وارض ابداع، مشددا على على ضرورة استقطاب الكفاءات التونسية بالخارج والمحافظة على الكفاءات الوطنية داخل تونس وتطوير نظم المرافقة والنهوض بالعقليات، حتّى تكون المبادرة وخلق الثروة هي الاصل والعمل فى الوظائف العمومية التقليدية الاستثناء. وكان البرلمان قد صادق في أفريل الماضي بأغلبية 110 أصوات، على مشروع قانون المؤسسات الناشئة، والذي يهدف إلى الحد من هجرة الأدمغة وبعث أمل في الشباب التونسي المحبط بسبب البطالة. وكان كاتب الدولة للاقتصاد الرقمي الحبيب الدبابي، قد أكد مؤخرا ، أن تونس تمكنت منذ أوت 2016، من تعبئة اعتمادات بقيمة 200 مليون دينار لدعم البنى التحتية التكنولوجية في البلاد وهو ما سيحسن مناخ الأعمال للمؤسسات الناشئة والشركات العاملة في قطاع تكنولوجيات المعلومات والاتصال المتمركزة في مختلف انحاء البلاد. وقال الدبابي إن تونس تحرص على الاستفادة من هذا التحدي التكنولوجي الجديد بهدف التوصل الى النجاح في دفع الانتعاشة الاقتصادية وذلك عبر تعبئة كل الوسائل الضرورية. وبين في هذا الاطار، ان مشروع قانون المؤسسات الناشئة، هو مكون من مكونات الاستراتيجية الوطنية الطوعية للمؤسسات الناشئة "ستارت اب تونيزيا"، والرامي الى جعل تونس قبلة في مجال التكنولوجي لكل المستثمرين من مختلف انحاء العالم. وأضاف "قمنا بالتوازاي، بعقد جلسات تفكير لاعداد المجلة الرقمية ستكون جاهزة قبل موفى السنة الجارية"، متحدثا عن المكون الثالث الرئيسي للنجاح في التحول الى الاقتصاد الرقني، ألا وهو تاطير المواهب الناشئة ومواكبتها وحتى مساعدتها على انجاز مشاريعها والنجاح فيها وتامين ديمومتها. واثار في هذا الصدد، حتمية تشريك القطاع المالي في هذه المقاربة واقناع المسؤولين عنه، من اجل مساندة اصحاب افكار المشاريع من خلال توفير الوسائل المالية الضرورية لاطلاق مشاريعهم، مجددا التاكيد على ان هذا الصنف من الاستثمار، ذو مردودية هامة اليوم. وأشاد المدير العام للمؤسسة التونسية الناشئة "داتافورا"، الهادي الزهار، بقطاع التجارة الالكترونية، الذي يسجل نموا قويا على الصعيد العالمي باكثر من 10 بالمائة خلال السنوات الخمس الاخيرة، وهو يمثل اليوم، رقم معاملات يفوق 2700 مليار دينار، مشددا على ان "التجديد يعد عاملا ييسر المساواة في الحظوظ بين البلدان الاكثر تقدما وتلك الاقل تقدما، لا سيما وان هذا النشاط يتطلب استثمارات ادنى بكثير من قطاعات اخرى على غرار الصناعة او السياحة، كما ان ارباحه اهم بكثير". ويأتي ذلك أسابيعا قليلة بعد إعلان مجلة بلومبرغ الأمريكية عن تصدر تونس قائمة البلدان العربية و الإفريقية في مجال الإبتكار وفق مؤشر بلومبرغ للابتكار لسنة 2018 ، مع العلم أنها قد تصدرت المركز الأول عربيا وافريقيا في هذا المؤشر لسنة 2017 أيضا. و وفق ما جاء في الموقع الالكتروني للمجلة الأمريكية بلومبرغ، فإنّ تونس احتلت المرتبة الأولى عربيا وافريقيا والمرتبة 43 عالميا في مجال الابتكار لسنة 2018 ب49،83 نقطة. وقد تقدمت تونس بمرتبتين في هذا التصنيف مقارنة بالسنة الماضية حيث كانت تحتل المرتبة 45. ويتمحور هذا المؤشر الذي يقيس تأثير الابتكار على اقتصاد كل بلد، حول 7 معايير أساسيَّة، وهي: البحث والتطوير، والقيمة المضافة للصناعة التحويلية، والإنتاجية، وكثافة التكنولوجيا العالية، وفعالية القطاع الثالث، وتركيز الباحثين وعدد براءات الاختراع.