لعلّ الإمكانيات التي تحظى بها مجالات الأبحاث العلمية والتكنولوجية في تونس جدّ محدودة مقارنة بغيرها من الدول سواء المتقدمة منها أو حتى الكثير من دول العالم الثالث ، إلا أن ذلك لم يمثّل رادعا أمام باحثيها و مبتكريها من الإبداع و التفوق في المجالات العلمية والإبتكار. و هو ما مكّن تونس من تصدّر قائمة البلدان العربية و الإفريقية في مجال الإبتكار وفق مؤشر بلومبرغ للابتكار لسنة 2018 ، مع العلم أنها قد تصدرت المركز الأول عربيا وافريقيا في هذا المؤشر لسنة 2017 أيضا. و وفق ما جاء في الموقع الالكتروني للمجلة الأمريكية بلومبرغ، فإنّ تونس احتلت المرتبة الأولى عربيا وافريقيا والمرتبة 43 عالميا في مجال الابتكار لسنة 2018 ب49،83 نقطة. وقد تقدمت تونس بمرتبتين في هذا التصنيف مقارنة بالسنة الماضية حيث كانت تحتل المرتبة 45. ويتمحور هذا المؤشر الذي يقيس تأثير الابتكار على اقتصاد كل بلد، حول 7 معايير أساسيَّة، وهي: البحث والتطوير، والقيمة المضافة للصناعة التحويلية، والإنتاجية، وكثافة التكنولوجيا العالية، وفعالية القطاع الثالث، وتركيز الباحثين وعدد براءات الاختراع. و وفق المدير التنفيذي لبرنامج "تونس الذكية" التابع لوزارة تكنولوجيات الاتصال والاقتصاد الرقمي الياس الجريبي ، فإن من أهم أسباب حصول تونس على المركز الأول عربيا بمجال الابتكار هو "تمتعها بموارد بشرية هامة وذلك بفضل استثمار الدولة بعد الاستقلال في التعليم والصحة" ، فضلا عن تمتع تونس ببنية تحتية مهمة تضم أكثر من ثلاثة آلاف شركة أجنبية "أغلبها تعتمد على تكنولوجيات متطورة يتحكم فيها مهندسون تونسيون أصبحت لهم خبرة عالية في هذا المجال". كما لفت المسؤول الى إن هناك توجها حكوميا في إطار برنامج "تونس الذكية" الذي انطلق فعليا عام 2015 لجعل تونس قطبا إقليميا في قطاع التكنولوجيا لتصدير الخدمات إلى أوروبا وأفريقيا والشرق الأوسط، وأكد أن الهدف من البرنامج هو تهيئة الأرضية وجذب الاستثمار لتشغيل خمسين ألف شاب…. و كانت الدورة 54 للصالون الدولي للإختراعات بجنيف العام المنصرم خير دليل على تفوّق التونسيين في مجال الابتكار و الاختراع ، إذ تمكن عدد من المخترعين التونسيين من حصد 4 ميداليات ذهبية خلالها، بالرغم من انها المرة الأولى التي تُشارك فيها تونس بصفة رسمية في هذا الصالون. و الذين تحصلوا على الميداليات الذهبية الأربعة هم ؛ رؤوف مديمغ، ميدالية ذهبية مع استحسان لجنة التحكيم على اختراعه المتمثل في مكون جديد مضاد للمكروبات مستخرج أساسا من فضلات الجلود، و أنيس السحباني صاحب اختراع روبوتات لحماية الفضاءات ، و وحيد بنور صاحب اختراع فأرة ذكية للإشارات على غشارات فيزيولوجية ، ثم سامي القطاري صاحب اختراع مكمل غذائي غني بأموميجا 3 مستخرج من فضلات حوت التونة . وتأتي مشاركة المخترعين التونسيين في هذا الصالون تبعا لتفوقهم في المناظرة الوطنية للإختراع لسنة 2016، التي نظمتها وكالة النهوض بالصناعة والتجديد بالشاكة مع المعهد الوطني للمواصفات والملكية الصناعية وبالتعاون مع الجمعية التونسية للمخترعين وفي اطار إيفاء الوكالة بتعهداتها في دعم المتوجين للتعريف بإختراعاتهم وتسويقها في الخارج.