في ظل ما تشهده الساحة السياسية من متغيرات ومستجدات متقلبة، تبدو الرؤية حول خفايا المرحلة القادمة من مستجداتٍ ضبابيةٌ نوعًا ما، مما يفتح الباب على مصراعيه أمام التأويلات والفرضيات حول الأحداث التي من المتوقع أن يعيش على وقعها المشهد السياسي. و أضحى الحديث عن وضع الحزب الحاكم وما بات يطوّقه من عدم استقرار و فوران صلب بيته الدّاخلي، من أبرز المواضيع التي تتصدر الواجهة، سيّما وأن ماشهده الحزب من ارتجاج ألقى بظلاله على الوضع العام للبلاد، و تحول من شأن حزبي داخلي إلى شأن وطني. جدلية الفرقعة التي يعيشها الحزب، والتي لا تعدّ بالمسألة المستجدّة طالما أنه يعيش حالة انشقاق و تفرّع منذ منتصف عام 2015، عادت إلى تصدر الواجهة بعد أن عادت لعنة الشقوق لتهيمن على أوضاع، بيته الداخلي. و تشتد نسبة الخلاف، خلال الفترات الأخيرة، بين شقين متصارعين صلب النداء، لاسيما بعد تغول المدير التنفيذي للحزب ونجل مؤسسه حافظ قائد السبسي الأمر الذي دفع أغلب قيادات الحزب إلى تخيير عزله. وأعلنت الهيئة السياسية مسكها زمام الأمور ونهاية ولاية حافظ قائذ السبسي، بسبب "الانفراد بالقرار"، مؤكدة، في بيان رسمي نشرتت مساء الأربعاء، أنها هي "الهيئة التنفيذية للحزب والمسؤولة عن تسييره بصفة جماعية"، وذلك حتى انعقاد المؤتمر الانتخابي الذي تم إقرار إجرائه نهاية شهر سبتمبر المقبل. كما دعت الهيئة السياسية إلى عقد اجتماع الكتلة النيابية التي تحتكر غالبية الأصوات داخلها بقيادة رئيس الكتلة وأمين عام الهياكل بالحزب، سفيان طوبال، كما تقرر إجراء هذا "الاجتماع الحاسم" برئاسة محمد الناصر، رئيس البرلمان والرئيس السابق للحزب قبل تولي حافظ قايد السبسي زمام الأمور وإبعاده عن دوائر القرار. وحول مسألة المؤتمر الانتخابي للحزب، قرّرت الهيئة السياسية ل"نداء تونس" عقده يومي 29 و30 سبتمبر المقبل، بعد تكوين لجنة تتولى الإعداد للمؤتمر، سيتم الإعلان عن تركيبتها بعد التشاور، وستضم كل الروافد، داعية مناضلي ومناضلات الحزب في الداخل والخارج ممن ساهموا في تأسيسها وإنجاحها في المحطات الانتخابية لسنة 2014، إلى "الالتفاف حول الحركة في هذا الظرف الصعب، والمساهمة الفعالة في الإعداد للمؤتمر القادم وإنجاحه". فضلا عن ذلك، دعت الهيئة السياسية كل القوى السياسية التقدمية إلى "الحوار والتقارب، ضمانا لمصلحة البلاد وللتوازن السياسي"، منوهة بالدور الذي يلعبه رئيس الجمهورية والرئيس المؤسس للحركة ل"الحفاظ على علوية الدستور بوصفه الضامن للاستقرار السياسي"، مؤكدة أن اجتماعها انعقد طبقا لمقتضيات القانون الداخلي والنظام الأساسي للحزب. كما ذكرت الهيئة السياسية للنداء أن الاجتماع "مخصص لتدارس الأوضاع التي آل إليها الحزب وهياكله والنكسات الأخيرة التي مر بها، والانزلاقات الخطيرة التي أدت إلى تهميش مؤسساته المركزية والجهوية والقاعدية". وفي أول رد له على بيان الهيئة السياسية لنداء تونس، نشر السبسي الابن تدوينة على صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي فايسبوك أعلن فيها أن المجموعة التي عقدت اجتماع الهيئة "أقلية ولا تمثل "نداء تونس"، وليس لها حق إعلان مواقف وقرارات مخالفة لخط الحزب"، واصفا أعضاءها ب"المخربين والانقلابيين"، وب"الأقلية التي اختارت الانقلاب على المواقف الرسمية للحزب خدمة لمصالح وحسابات ضيقة، بهدف تشتيت الحركة وإضعاف موقعها في المشهد السياسي". وتوعد من وصفهم ب"المخربين" بعقوبات، قائلا إن "حركة نداء تونس تعتبر أن هذه الأقلية بصدد ممارسة دور تخريبي مكشوف، فإنها ستمضي في اتجاه اتخاذ الإجراءات التأديبية اللازمة تجاهها، وتعتبر أن كل ما صدر عن هؤلاء لاغ وغير ملزم بأي شكل من الأشكال".